image

165 مليار دولار تكلفة المشروع

مهدي عبدالفتاح – (لندن)

في تحوّل استراتيجي يُعيد ترسيم خرائط صناعة الرقاقات والذكاء الاصطناعي، تجري شركة “تايوان لتصنيع أشباه الموصلات” (TSMC)، وهي العملاق العالمي لصناعة الشرائح، مفاوضات متقدمة لإنشاء منشأة إنتاج ضخمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق ما أفادت به بلومبيرغ ووول ستريت جورنال. وتعد هذه الخطوة من أبرز مؤشرات توسّع الشركة خارج قاعدتها في آسيا، في ظل سعي أبوظبي للتحوّل إلى مركز ثقلي عالمي للذكاء الاصطناعي.

المفاوضات الجارية تشمل إنشاء ما يُعرف بـ”غيغافاب” — مجمع صناعي متكامل يضم ستة مصانع فائقة التطور — على غرار مشروع الشركة في ولاية أريزونا الأميركية والذي تبلغ تكلفته نحو 165 مليار دولار. ورغم أن الجدول الزمني لبدء المشروع الإماراتي لا يزال غير محسوم، إلا أن مصادر مطلعة أكدت أن تنفيذه يتوقف على الضوء الأخضر من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

اللقاءات تمت عبر قنوات دبلوماسية واقتصادية رفيعة، شملت المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وممثلين عن مؤسسة “MGX” الاستثمارية التي يشرف عليها الشيخ طحنون بن زايد، شقيق رئيس دولة الإمارات. وتُعد هذه المحادثات امتداداً لنقاشات بدأت خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، قبل أن تتعثر لاحقاً.

ويأتي هذا التوسع في إطار استجابة “TSMC” لمخاطر سلاسل التوريد الجيوسياسية، إذ باشرت بالفعل إقامة منشآت جديدة في كل من اليابان وألمانيا والولايات المتحدة. غير أن دخول الإمارات على الخط يشير إلى تصاعد طموحاتها التقنية، خاصة في ظل سباق عالمي لتأمين موارد الذكاء الاصطناعي.

هذا التحوّل ينسجم مع إعلان “OpenAI” الأخير عن مشروع “ستارغيت الإمارات”، أول توسع دولي لمنصة الحوسبة الفائقة التابعة للشركة، بطاقة 5 غيغاواط. المشروع، الذي أُطلق من أبوظبي بدعم مباشر من الحكومة الأميركية ومجموعة “G42″، يُشكل ركيزة بنية تحتية متقدمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

وتزامنًا مع ذلك، أطلقت أبوظبي نموذجًا لغويًا عربيًا متطورًا تحت اسم “فالكون عربي” عبر أحد مراكز أبحاثها، في خطوة تهدف لتعزيز ريادتها في مجال الذكاء الاصطناعي المخصص للمنطقة.

وبينما تترسخ الإمارات كمسرح لمعادلات جديدة في عالم التقنية، يبدو أن شراكتها المحتملة مع TSMC لا تمثّل مجرد صفقة صناعية، بل تأسيسًا لهوية تكنولوجية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها، في زمن تُقاس فيه السيادة بمقدار ما تملكه الدولة من شرائح متطورة وقدرة حسابية.