image

رقيب في سلاح الجو الأميركي يتفقد منصات شحن قذائف عيار 155 ملم متجهة إلى أوكرانيا في أبريل (الغارديان)

في تطور لافت قد يغيّر مسار الدعم العسكري الأميركي لأوكرانيا، قررت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) وقف شحنات بعض صواريخ الدفاع الجوي والذخائر الدقيقة التي كانت متجهة إلى كييف، بسبب “انخفاض حاد” في مخزونات الذخائر الأميركية، بحسب ما نقلته مجلة بوليتيكو عن ثلاثة مصادر مطلعة.

القرار، الذي اتُّخذ بقيادة رئيس السياسات في البنتاغون إلبريدج كولبي، جاء بعد مراجعة موسعة لمخزونات الذخيرة في الجيش الأميركي، وسط مؤشرات مقلقة على اقتراب بعض الخطوط من “الحد الأدنى الاستراتيجي”. رغم اتخاذ الخطوة الأولى في أوائل يونيو، إلا أن تنفيذها الفعلي بدأ الآن، في لحظة حرجة مع تصاعد الهجمات الروسية شرق أوكرانيا.

كييف تحت النار… والذخائر تتوقف

تزامن قرار وقف الشحنات مع تكثيف موسكو لهجماتها الصيفية في شرق أوكرانيا، خصوصًا على محور لوغانسك، وهي واحدة من أربع مناطق أعلنت روسيا ضمّها في سبتمبر 2022. وبينما تُواجه أوكرانيا هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة، يبدو أن الدعم الأميركي بدأ يتراجع عمليًا، رغم الوعود العلنية بالاستمرار في تقديم المساعدات “طالما لزم الأمر”.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يعلّق مباشرة على القرار، لكن مصادر دبلوماسية في كييف أعربت عن “قلق بالغ” من أن يكون ذلك مؤشراً على فتور الالتزام الغربي في ظل استحقاقات انتخابية وتحديات أمنية داخلية في واشنطن.

رأي خبير غربي: “هذه ليست مشكلة مخزون فقط”

بروس هافنر، خبير الشؤون الدفاعية في “معهد واشنطن للدراسات الأمنية”، يرى أن الأمر يتجاوز مجرد لوجستيات:

“القرار الأميركي لا يمكن قراءته بمعزل عن الخريطة الدولية. واشنطن تشعر بأن دعمها لأوكرانيا أصبح استنزافًا طويل الأمد، وهي الآن توازن بين استراتيجيتها في أوروبا الشرقية وتحضيرات محتملة لمواجهة مع الصين أو إيران.”

وأضاف هافنر:

“أمريكا لا تريد أن تُفاجأ بصراع مفاجئ في مضيق تايوان أو الخليج وهي منهكة الذخائر. لذلك، هذا القرار يعكس انتقالًا تكتيكيًا، لكنه يحمل دلالات استراتيجية عميقة.”

خلفيات: دعم لا نهائي.. حتى إشعار آخر

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، ضخت الولايات المتحدة مليارات الدولارات من الدعم العسكري لكييف، بما في ذلك صواريخ باتريوت، وقذائف هايمارس، وأنظمة رادارية عالية الدقة. ومع تكرار الحديث عن “حدود القدرة” الأميركية على الإمداد، بدأت تتعالى أصوات في الكونغرس تطالب بإعادة تقييم هذا الانخراط العسكري المكثف.

كما أن البنتاغون نفسه كان قد أصدر تحذيرات داخلية في وقت سابق هذا العام عن “انخفاض مستويات الذخائر” بسبب الدعم غير المسبوق لأوكرانيا.

ما القادم؟ قلق أوروبي وارتباك أوكراني

مع بدء تنفيذ القرار، بدأت أوساط أوروبية تعبّر عن خشيتها من تخلخل التوازن على الجبهة الأوكرانية، في ظل تفوق روسي عددي وتقني، وانشغال حلف شمال الأطلسي بملفات أمنية أخرى.

الدعم العسكري الأميركي، الذي كان بمثابة “العمود الفقري” للمقاومة الأوكرانية، يبدو اليوم أقل صلابة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات وجودية:
هل تغيّرت أولويات واشنطن؟ وهل على كييف البحث عن بدائل؟

الخلاصة:

القرار الأميركي ليس مجرد نقص في الصواريخ… إنه إنذار استراتيجي بصوت خافت.
في لحظة مفصلية من الحرب، يبدو أن واشنطن تعيد ترتيب أوراقها بهدوء، بينما يقف الأوكرانيون في مواجهة نيران موسكو، بصواريخ أقل وقلق أكبر.

من إعداد: ريتشارد ويلز – محلل أمن دولي
قسم التحقيقات الخاصة | لندن – اليوم ميديا