الأربعاء 30 أبريل 2025
لقطة الشاشة 1446-03-30 في 10.59.28 م

تعبيرية

أحمد الصراف

كما لاحظت أن كل الإمبراطوريات الاستعمارية تركت وراءها دولة أو أكثر تتحدث لغتها، فنصف أفريقيا تقريباً يتحدث الفرنسية، ونصفها الآخر الإنكليزية. كما أن أجزاء كبيرة من آسيا تتكلم اللغة الفارسية، من إرث سابق إمبراطوريتها. كما تأثرت دول كثيرة، سبق أن غزاها وحكمها العرب، باللغة العربية، وأصبحت لغتها، قبل أن تتخلى عنها رسمياً، مع بقاء تأثيرها عليها حتى اليوم، كالتركية والفارسية وغيرهما. لكننا من جانب آخر لا نجد دولة غير إيطاليا تتحدث الإيطالية، بالرغم من أن الإمبراطورية الرومانية كانت الأكثر اتساعاً في تاريخ القوى الاستعمارية، والأشد تأثيراً حضارياً، والأطول عمراً، فما السبب؟

بحثت فوجدت أن الإمبراطورية الرومانية، التي أصبحت عاصمة المسيحية في العالم، بعد اعتناق قسطنطين لها خلال حكمه، الذي استمر من 306 إلى 336، كانت تنقسم إلى قسمين، الإمبراطورية الرومانية الغربية، وقاعدتها روما، وكان بلاطها يتحدث اللاتينية، والإمبراطورية الرومانية الشرقية، وقاعدتها القسطنطينية، وكان بلاطها يتحدث اليونانية. وكانت الشعوب الرومانية الغربية تتحدث الإيطالية والفرنسية والأسبانية والبرتغالية والرومانية، والألمانية والبولندية وغيرها، لكن مع وصول الإمبراطورية الغربية لأوج توسعها وقوتها، بدأت في الانحلال والتفكك، حيث سقطت في عام 476، فانقسمت أوروبا إلى ممالك مختلفة، اختارت كل منها الاحتفاظ بلغتها، ومنها الدولة الإيطالية، مع اختيار الفاتيكان اللغة اللاتينية. لكن مع الوقت أصبحت اللاتينية لغة الكرسي الرسولي الرسمية، لكن مع طغيان اللغة الإيطالية، بحكم الواقع.

أما الإمبراطورية الرومانية الشرقية فقط سقطت بعد الغربية بألف عام، أي في 1453، وكانت لغة البلاط فيها اليونانية، لكن بعد انهيارها على يد الأتراك، اندثرت اللاتينية، وانحصرت اللغة اليونانية في اليونان وقبرص. لذا لا توجد اليوم دولة غير إيطاليا تتكلم الإيطالية، لأنها لم تكن أصلاً لغة الإمبراطورية الرومانية، بجناحيها.

نقلا عن صحيفة “القبس” الكويتية