
طفل فلسطيني يعاني من سوء التغذية يتلقى العلاج من قبل ممرضة في مستشفى ناصر في خان يونس
بينما تدور الأرض في دوامة من الأزمات، تتصدر فلسطين مركزها، شاهدةً على انهيار غير مسبوق في النظام الدولي القائم منذ أكثر من سبعة عقود. في تقرير صادم نشرته صحيفة الغارديان البريطانية بقلم مصطفى بيومي، يكشف المقال كيف أن “تدمير فلسطين” لم يعد فقط قضية إنسانية، بل إنذار بانهيار البنية القانونية والسياسية للعالم كما نعرفه.
سيرين حداد: طالبة فلسطينية تكشف القمع داخل الجامعات الأميركية
تبدأ القصة من سيرين حداد، الطالبة الأمريكية من أصول فلسطينية التي منعت جامعتها في ولاية فرجينيا من منحها شهادة التخرج، فقط لأنها شاركت في إحياء ذكرى نكبة غزة. تقول سيرين: “لم تُحجب شهادتي لأنني لم أحقق الشروط، بل لأنني دافعت عن الحياة الفلسطينية”.

حداد التي فقدت أكثر من 200 فرد من عائلتها في قطاع غزة، تعرضت للضرب والاعتقال خلال احتجاج سلمي في أبريل 2024. تحولت “نزهة طلابية” إلى مواجهة مع قوات الشرطة، بسبب بطانيات ولافتات سياسية. هذه الحادثة لم تكن استثناءً، بل جزءًا من حملة قمع ممنهجة طالت الجامعات الأمريكية التي يعلو فيها صوت التضامن مع فلسطين.
“القواعد تنحني مثل القصب عندما يتعلق الأمر بإسرائيل”
يرى بيومي أن ما يحدث في غزة ليس فقط انتهاكًا لحقوق الإنسان، بل إعادة تعريف لمفهوم القانون الدولي. فمع كل مجزرة، ومع كل استخدام للتجويع كسلاح حرب، تنكسر قاعدة أخرى من قواعد ما يُسمى “النظام الدولي القائم على القواعد”.

حتى القوانين الأمريكية مثل “قانون ليهي” الذي يحظر دعم الجيوش المنتهكة لحقوق الإنسان، لم يُطبق على الجيش الإسرائيلي، رغم الأدلة. في المقابل، تُعاقب الأصوات المنتقدة لإسرائيل وتُمنع من التخرج، كما حدث مع سيرين، أو تواجه الاعتقال والترحيل، كما حصل مع الناشط محمود خليل.
تواطؤ الغرب وصمت القانون
من الدعم غير المشروط من واشنطن، إلى الصمت الأوروبي، يقول المقال إن الغرب لم يكتفِ بالفشل في وقف الإبادة في غزة، بل يُسهّلها سياسيًا وعسكريًا. ويتهم بيومي إدارة بايدن بعدم تنفيذ تهديداتها رغم الأدلة على استخدام إسرائيل للمجاعة كسلاح، وتجاهلها لمذكرات التوقيف الدولية بحق قادة إسرائيليين.

القانون الدولي: أداة في يد الأقوياء
يستشهد الكاتب بالمفكر القانوني إيان هورد الذي يرى أن القانون الدولي غالبًا ما يُستخدم كأداة للشرعنة السياسية للقوة، لا كوسيلة لضبطها. فالدول القوية مثل إسرائيل أو الولايات المتحدة تستطيع تفسير القانون كما يحلو لها، وتغييره بما يخدم أهدافها.
بصيص أمل.. وفلسطين تعيد تشكيل الوعي العالمي
ورغم هذا الظلام، يؤكد المقال أن هناك بارقة أمل تتجسد في تزايد الأصوات حول العالم التي ترفض الصمت. من طلاب الجامعات، إلى السياسيين الأمريكيين التقدميين الذين تحدوا لوبيات الضغط المؤيدة لإسرائيل ونجحوا في الانتخابات. يقول بيومي: “ربما لم تعد فلسطين عبئًا انتخابيًا، بل فرصة سياسية”.

فلسطين: مرآة العالم المنكسر
يختم المقال برسالة قوية: فلسطين لم تعد فقط رمزًا للظلم، بل صارت اختبارًا أخلاقيًا لأنظمة العالم الليبرالي. فالعالم الذي يلاحق منتقدي الإبادة أكثر مما يلاحق مرتكبيها، هو عالم لا يمكنه الاستمرار. وكما قالت سيرين: “إذا كانوا يخشون طالبًا يحمل لافتة، فنحن أقوى مما يريدوننا أن نصدق”.
لندن – اليوم ميديا