
صواريخ شهاب 1 و2 (أرشيفية)
منذ اندلاع “حرب المدن” خلال الحرب العراقية الإيرانية (1980–1988)، اتخذت طهران قرارًا استراتيجيًا ببناء ترسانة صاروخية محلية. في مواجهة هجمات صواريخ سكود العراقية، رأت القيادة الإيرانية أن الردع النفسي والاستراتيجي لا يكون إلا عبر صواريخها الخاصة. هكذا وُلدت العقيدة الصاروخية الإيرانية تحت الحصار والنار.
التحول من المستخدم إلى المُصنّع
في التسعينيات، بدأ الحرس الثوري بقيادة العميد حسن طهراني مقدم بتأسيس بنية تحتية مستقلة لإنتاج الصواريخ. تم تطوير صواريخ شهاب 1 و2، ثم قفزت إيران في 2003 بإطلاق شهاب-3 بمدى يتجاوز 1300 كم، واضعة القواعد الأمريكية والإسرائيلية في مرماها. جاءت النقلة النوعية مع صاروخ “سجيل” العامل بالوقود الصلب، ما منح طهران قدرة تخزين وإطلاق أسرع وأكثر أمنًا.
عصر الدقة والذكاء الصاروخي
من 2010 إلى 2020، ركّزت إيران على صواريخ دقيقة موجهة باستخدام أنظمة GPS وتقنيات مضادة للتشويش، مثل “ذو الفقار” و”قيام” و”فتح 313″. وفي 2020، استخدمت إيران هذه الترسانة للرد على اغتيال قاسم سليماني، حيث استهدفت قاعدة “عين الأسد” بدقة لافتة، وصفتها نيويورك تايمز بأنها “أدق ضربة على منشأة أمريكية في التاريخ الحديث”.
الردع الشبكي: جيل جديد من التكتيك الصاروخي
منذ 2021، باتت الصواريخ الإيرانية جزءًا من شبكة قتالية تشمل المسيّرات والحرب الإلكترونية، في عقيدة تُعرف بـ”الردع الشبكي”. صواريخ مثل “خيبر شكن”، “رعد 500″، و”ذو الفقار بصير”، أصبحت قادرة على تجاوز الدفاعات الجوية، وتُستخدم اليوم ضمن ما تسميه طهران “الضربات التمهيدية”.
النتيجة: صواريخ إيرانية في قلب المعادلة الإقليمية
اليوم، تمتلك إيران ما يزيد عن 30 نظامًا صاروخيًا بمدى يتراوح بين 200 و2500 كم، مع قدرة تفوق الصوت واستهداف دقيق. ما بدأ كضرورة دفاعية تحت الحصار، تحوّل إلى قوة هجومية تشكّل تهديدًا مباشرًا لتوازن القوى في الشرق الأوسط.
لندن – اليوم ميديا