
في قلب الحي اللبناني في أبيدجان، ساحل العاج، يقع المسجد الكبير في ماركوري
تكشف صحيفة جون أفريك في تحقيق استقصائي نادر عن صراع خفي يدور منذ سنوات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني داخل القارة الأفريقية، حيث أصبحت دول مثل الغابون، الكاميرون، وساحل العاج ساحات خلفية لحرب الجواسيس، شبكات التهريب، وغسيل الأموال.
عملية سرية في الغابون: البداية من ليبرفيل
في عام 2017، اعتقل عملاء الموساد رجلًا كويتيًا يُدعى عبد المحسن جمال الشطي في الغابون، يُشتبه في ارتباطه بـ”خلية العبدلي” التي تتهمها واشنطن وتل أبيب بخدمة أجندة إيرانية عبر حزب الله. عملية الاعتقال جرت بموافقة خاصة من الرئيس الغابوني علي بونغو، بعد طلب رسمي من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو.
لبنان في قلب أفريقيا: الجالية المراقبة
في أبيدجان، حيث يعيش أكثر من 100 ألف لبناني، 80% منهم شيعة، تخضع الجالية اللبنانية لمراقبة مشددة من قبل أجهزة الأمن، خاصة في منطقة ماركوري المحيطة بمسجد المهدي. وتُتهم بعض العائلات بتمويل حزب الله عبر تبرعات “طوعية”، وفق ما وصفه أحد الخبراء الإسرائيليين بأنه “ضريبة إلزامية” مقابل البقاء ضمن المجتمع الاقتصادي.
التقنية مقابل المعلومات: صفقات إسرائيلية سرية
عبر شركات مثل NSO وبرامج مثل بيغاسوس، وفرت إسرائيل تقنيات مراقبة متطورة لحكومات أفريقية، مثل كوت ديفوار، مقابل الحصول على بيانات الجاليات الشيعية. ومن خلال رجال أعمال مثل غابي بيريتس وخبراء أمنيين، تُمكّن الموساد من تعزيز نفوذه في مفاصل أجهزة الأمن المحلية.
الماس والكوكايين: اقتصاد الجريمة في خدمة الحزب
يلعب الماس دورًا محوريًا في شبكة تمويل حزب الله. رجال أعمال لبنانيون مثل رضوان نصور، المرتبط بشبكة شركات في الكاميرون ولبنان، يُشتبه في تورطهم بغسل الأموال. كما تكشف الصحيفة أن تهريب الماس من أفريقيا الوسطى إلى لبنان يتم عبر مطارات مثل دوالا، ويُنقل في أمتعة شخصية لتفادي التفتيش.
إلى جانب الماس، أصبح الكوكايين، وفق الباحث الأمريكي إيمانويل أوتولينغي، ثاني أكبر مصدر تمويل لحزب الله، ويُهرّب من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا عبر موانئ مثل دوالا وبانغي، باستخدام حاويات تجارية مخفية عن أعين الجمارك بفعل الفساد.
السيطرة أم التعاون؟ شبكة اختراق معقدة
ورغم وجود علاقات بين إسرائيل وحكومات مثل الكاميرون وساحل العاج، تؤكد جون أفريك أن الموساد لا يملك سيطرة مطلقة. فالسلطات المحلية، بحسب التقرير، تميل أحيانًا إلى حماية الجاليات اللبنانية لما لها من وزن اقتصادي، ما يضعف فعالية إسرائيل الاستخباراتية ويُعقّد عملياتها.
الختام: أفريقيا ساحة صراع مفتوح
مع تصاعد الضغوط على إيران، وتسارع الحرب في غزة وجنوب لبنان بعد 7 أكتوبر، أصبح حزب الله أكثر اعتمادًا على تمويله الذاتي، ما يُفسر توسعه في أفريقيا. وتشير الصحيفة إلى أن هذه الحرب الخفية مرشحة للتصاعد، مع بقاء شبكة الحزب في أفريقيا هدفًا استراتيجيًا لإسرائيل ووكالات الاستخبارات الغربية.
لندن – اليوم ميديا