WhatsApp Image 2025-07-18 at 5.37.29 AM

أردوغان والأمير محمد بن سلمان

في هجوم وصفه مراقبون غربيون بأنه “الأكثر اتساعًا منذ 2018″، شنت إسرائيل غارات عسكرية مكثفة على مواقع قرب وزارة الدفاع السورية في قلب دمشق، إلى جانب ضربات متزامنة على محافظة السويداء جنوب سوريا. وقد بررت تل أبيب هذا التصعيد العسكري تحت ذريعة “حماية الطائفة الدرزية”، وهو خطاب يعيد للأذهان أساليب تبرير الغزو باسم حماية الأقليات، ما أثار ردود فعل حادة في المنطقة وخارجها.

وقد أفاد معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن إسرائيل تعتمد حاليًا على سياسة “الضغط الأقصى على الجبهة الشمالية” لمنع ترسيخ أي تواجد جديد لحلفاء إيران في سوريا ولبنان، خاصة مع التراجع الملحوظ لتأثير حزب الله في الجنوب اللبناني.

عراقجي يطلق إنذاره الناري: “ما هي العاصمة التالية؟”

علق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على القصف الإسرائيلي بصورة رمزية لقصف دمشق، وكتب تعليقًا استثنائيًا على منصة “إكس”:
“للأسف، كان هذا الحدث متوقعًا تمامًا. ما هي العاصمة التالية؟ الكيان الصهيوني لا يفهم سوى لغة واحدة: الردع.”

يرى خبراء غربيون مثل أستاذ السياسات الشرق أوسطية جوشوا لانديز من جامعة أوكلاهوما، أن تصريح عراقجي يحمل “دعوة مبطنة لتشكيل تحالف ردعي متعدد الأطراف”، حيث تحاول إيران دفع السعودية ومصر وتركيا للانخراط في موقف موحد لمواجهة ما تسميه “الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي الجديد”.

تحالف الضرورة: هل تجمع الغارات أضداد السياسة؟

في تطور لافت لم يكن متوقعًا قبل سنوات، بدأت أصوات في العواصم العربية الكبرى تدعو إلى رد جماعي على ما تصفه بـ”تصفير حدود السيادة” الإقليمية من قبل إسرائيل.

يؤكد الباحث الأميركي ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية أن: “السعودية ومصر لا ترغبان في الدخول بحرب مفتوحة، لكن توسع القصف قد يجبرهما على الانخراط إقليميًا، على الأقل عبر القنوات الدبلوماسية والأمنية.”

من جانبها، ترى صحيفة Foreign Policy أن تركيا لن تقبل بـ”تغيير ميداني دائم” على حدودها الجنوبية يسمح لإسرائيل بالتمدد داخل الأراضي السورية، وهو ما قد يدفع أنقرة إلى تنسيق صامت مع طهران والقاهرة، رغم استحالة تحالف علني رسمي في الوقت الراهن.

الهدف الإسرائيلي في السويداء: منطقة عازلة أم توسع نفوذ؟

يعتقد الباحث الفرنسي جان بيير فيليو أن إسرائيل تسعى إلى تحويل محافظة السويداء إلى “منطقة عازلة موالية”، مستفيدة من غضب بعض الدروز تجاه النظام السوري، لتبرير تدخلها تحت شعار “الحماية الإنسانية”. لكن الهدف الحقيقي، بحسب فيليو، هو خلق امتداد جغرافي يربط بين مرتفعات الجولان وأعمق الأراضي السورية.

وفي تقرير حديث نشرته “جيروزاليم بوست”، أكد ضباط إسرائيليون أن “دمشق تبقى هدفًا مشروعًا إذا لم توقف تدفق الأسلحة الإيرانية وحزب الله”، في محاولة للحصول على “رخصة تدخل مفتوحة” في سوريا، حسب تحليلات استخباراتية غربية.

هل يتشكل محور ردع جديد في الشرق الأوسط؟

لا توجد حتى الآن مؤشرات واضحة على تشكيل تحالف رسمي بين الرياض وأنقرة وطهران والقاهرة، لكن المعطيات تكشف عن تقاطع مصالح استراتيجي يتمثل في منع تحوّل العدوان الإسرائيلي إلى واقع دائم على الأرض.

يرى الباحث مايكل روبن من معهد “أمريكان إنتربرايز” أن: “التحالفات الكبرى لا تبدأ ببيانات رسمية، بل بتفاهمات أمنية سرية، وهذا ما قد يكون قيد التشكل بين الدول الأربع إذا استمرت إسرائيل في تصعيدها.”

خاتمة: هل يشهد الشرق الأوسط ولادة حلف ضروري؟

تمتد العمليات الإسرائيلية من غزة إلى دمشق، ومن بيروت إلى السويداء، ما يفتح الباب لإعادة رسم التحالفات الإقليمية. ومع نضوج مواقف قوى كبرى مثل السعودية، مصر، تركيا، وإيران، يبدو أن المنطقة تواجه تحالفًا قائمًا على الضرورة لا على الود، مستندًا إلى الخوف من مستقبل مشترك مهدد.
هل سيكون هذا التحالف بداية لردع جدي يوقف الطموحات الاستيطانية الإسرائيلية؟ أم أن الخلافات الداخلية والمصالح المتضاربة ستطيح بهذه المبادرة قبل أن تولد؟

لندن – اليوم ميديا