image

دونالد ترامب وبوتين

هل يقود إنذار ترامب الأخير لروسيا إلى مواجهة حقيقية؟ أم أنه جزء من صفقاته المعتادة التي يستخدم فيها التهديد أداةً لانتزاع تنازلات؟
في تصريح صادم، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه تقليص المهلة التي منحها سابقاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي كانت 50 يوماً لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مشيراً إلى أنها ستصبح “أقل بكثير”، وأضاف: “أشعر بخيبة أمل كبيرة في بوتين”.

تصريحات ترامب جاءت خلال لقائه مع رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، في ملاعب “ترامب تيرنبيري” للغولف جنوب غرب اسكتلندا، حيث حدّد الثاني من سبتمبر كموعد نهائي لإنهاء العمليات العسكرية، مهدداً بعقوبات ثانوية قد تضرب صادرات روسيا من الطاقة.

ردود الفعل الدولية: صدمة أم لا مبالاة؟

اللافت أن تعهد ترامب بفرض رسوم جمركية ثانوية “صارمة” على روسيا قوبل بانتقادات، باعتباره متساهلاً، حيث يُمنح بوتين عملياً سبعة أسابيع إضافية لتعزيز مكاسبه في دونيتسك ومواصلة الهجمات على البنية التحتية الأوكرانية.

رغم التهديد، لم تُظهر الأسواق ولا الكرملين قلقاً كبيراً، مما يعكس تشكيكاً في جدية العقوبات، لكن تصريحات ترامب الأخيرة تكشف عن تزايد الإحباط تجاه تعنت موسكو، وقد تعزز التزامه بتسليح أوكرانيا مستقبلاً.

خفض المهلة: خطوة مفاجئة وراءها أهداف خفية

السؤال الذي يطرحه المراقبون: لماذا خفّض ترامب المهلة من 50 إلى 10 أو 12 يوماً؟
التحليل يشير إلى أن هذا الإنذار يمثل طلب استسلام غير مشروط من روسيا، حيث لا يتضمن أي التزامات من الغرب أو مطالب من أوكرانيا. وهو ما يجعل قبوله مستحيلاً، وقد يؤدي – إذا نُفذ – إلى تصعيد نووي محتمل، خصوصاً إذا كانت العقوبات فعالة فعلاً.

هذا يتناقض مع صورة ترامب كـ”صانع سلام”، ورغبته المعلنة في تجنب الحرب النووية، مما يُضعف منطق التصعيد المباشر مع روسيا.

الإنذار موجّه للصين والهند.. لا لبوتين!

وفقاً لتحليلات سياسية، فإن الإنذار موجّه فعلياً إلى الصين والهند، وليس إلى موسكو. فهاتان الدولتان هما أكبر مستوردي النفط الروسي، وسيكون لهما النصيب الأكبر من تداعيات العقوبات الثانوية.

بالتالي، إنذار ترامب قد يكون ورقة ضغط ضمن حرب الرسوم الجمركية، يلوّح بها لانتزاع تنازلات من بكين ونيودلهي. فإذا استجابتا لشروطه التجارية، قد يتراجع ترامب عن فرض العقوبات أو يخففها.

مهلة سبتمبر.. وما بعدها؟

بحسب الجدول الزمني، تنتهي المهلة الأصلية في أوائل سبتمبر، وهي فترة يراهن ترامب خلالها على أن الحلفاء سيتقبلون تعريفاته الجمركية دون ردود فعل، مما سيعزز موقفه في المفاوضات.

الحدث الأبرز الذي يتقاطع مع هذا التصعيد هو احتمال عقد لقاء ثلاثي بين ترامب وشي جين بينغ وبوتين، تزامناً مع احتفالات الصين بالذكرى الـ80 لنهاية الحرب العالمية الثانية (3 سبتمبر)، حيث يتواجد بوتين أيضاً بين 30 أغسطس و3 سبتمبر.

مناورات ترامب: تصعيد تكتيكي أم صفقة مقايضة؟

بحسب مراقبين، فإن تقليص المهلة يهدف إلى تعزيز موقف ترامب قبل أي لقاء محتمل مع شي جين بينغ. ولكي يحقق “نصراً رمزياً”، لا بد من خطوات صارمة ضد الصين، بذريعة دعمها لروسيا.

وهنا يكمن سر التشدد: ليس الهدف روسيا، بل الصين والهند. ويُرجّح ألا تُنفذ العقوبات فعلياً، بل تُستخدم كورقة مساومة للحصول على مكاسب تجارية، أو حتى تُتجاهل كلياً إذا لم يتم التوصل إلى صفقة.

الخلاصة: هل الإنذار خدعة أم مقدمة لانفجار دولي؟

بين الخطاب التصعيدي والواقع السياسي، يرى محللون أن إنذار ترامب لا يُؤخذ على محمل الجد بشكل كامل، وقد يُستخدم كورقة تفاوضية سرعان ما تُقايض في أسواق المصالح الكبرى، لا في ساحات المعارك.

ومع ذلك، فإن اللعب على حافة الهاوية مع قوى نووية مثل روسيا والصين يبقى مخاطرة، حتى وإن كانت مغلّفة بـ”الصفقات”.

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE