تركيا وإسرائيل: هل تقترب المواجهة بعد الضربة على الدوحة؟

هزّت الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قيادة حماس في الدوحة هذا الأسبوع منطقة الخليج، وأثارت تحذيرات تركية بشأن استعداد تل أبيب لتجاوز الخطوط الحمراء. لعدة أشهر، جادل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان بأن إسرائيل تتبنى استراتيجية توسعية لا تعبأ بالسيادة والقانون الدولي.
ورغم أن العديد من دول الخليج افترضت أن الضمانات الأمنية الأمريكية ستردع إسرائيل عن تجاوز حدود معينة، خصوصًا في قطر التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية بالمنطقة مع نحو 30,000 جندي، فإن الضربة كشفت احتمالية التصعيد.
الموقف التركي: تضامن واستعداد محدود
سارع الرئيس رجب طيب أردوغان إلى إدانة الهجوم، وأكد في اتصال مع أمير قطر على تنسيق “خطوات مشتركة”. لكن خيارات أنقرة الفعلية تبقى محدودة، إذ أن وجودها العسكري في قطر يقتصر على سرب مشترك يضم 6 طائرات إف-16 دون قدرات دفاع جوي متقدمة.
كما أن الإطار الأمني القطري متعدد المستويات ويشمل الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ودول مجلس التعاون الخليجي، ما يجعل أي رد محتمل جماعيًا وحذرًا لتجنب مواجهة مباشرة مع إسرائيل.
تكثيف الدوريات الجوية التركية
عقب الغارات، كثّفت تركيا طلعاتها الجوية انطلاقًا من قاعدتي ديار بكر وملاطية. وظهرت تكهنات حول احتمال استهداف إسرائيل قادة حماس داخل تركيا نفسها، خاصة بعد تقارير من صحيفة لبنانية. إلا أن أنقرة اعتبرت هذه الادعاءات غير موثوقة ووصفتها بأنها جزء من “الحرب النفسية” التي يخوضها نتنياهو.
التحول الإسرائيلي: ملاحقة حماس أينما كانت
منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر، غيّرت إسرائيل عقيدتها الأمنية باتجاه التعامل مع كل التهديدات كأنها فورية. وتعهد قادتها بملاحقة كوادر الحركة “أينما كانوا”، وهو ما يثير حساسية خاصة لدى أنقرة التي تستضيف قيادات حماس منذ عام 2011.
أردوغان لخص الموقف التركي قائلاً: “كن مستعدًا للحرب إذا كنت تريد سلامًا مستقرًا”.
استثمارات تركية في الدفاع الصاروخي
تسعى أنقرة لتعزيز قدراتها الدفاعية، إذ كشفت مؤخرًا عن أنظمة صواريخ باليستية وكروز جديدة، وافتتحت منشأة أبحاث بقيمة 1.5 مليار دولار لشركة أسيلسان المتخصصة في الرادارات والدفاع الجوي.
كما تم توقيع اتفاقية بقيمة 1.9 مليار دولار لإنتاج أنظمة دفاع جوي بين 2027 و2031. وتزامن ذلك مع بدء إنشاء ملاجئ قنابل في جميع الولايات التركية.
تحديات أمام سلاح الجو التركي
رغم هذه الجهود، يواجه الجيش التركي تحديات؛ أسطول إف-16 يتقادم، والمفاوضات مع واشنطن للانضمام إلى برنامج إف-35 متعثرة. لذا تسرّع تركيا مشاريعها المحلية مثل:
- المقاتلة “كان” من الجيل الخامس والمتوقع إطلاقها عام 2030.
- الطائرة غير المأهولة كيزيليلما القادرة على التخفي.
ويرى محللون أن أي انتهاك إسرائيلي للمجال الجوي التركي سيُقابل برد فوري، مستشهدين بسابقة إسقاط أنقرة لطائرة روسية عام 2015.
مواجهة محتملة مع طائرات إف-35
صرّح مصدر تركي أن أنقرة قد تكون أول من يسقط طائرة إف-35 إسرائيلية إن اقتضى الأمر، مؤكدًا أن حماية قادة حماس مسألة سيادة وطنية وليست خيارًا سياسيًا فقط.
مكافحة عمليات التجسس الإسرائيلية
كشفت المخابرات التركية في السنوات الماضية شبكات مرتبطة بإسرائيل كانت تتابع شخصيات فلسطينية. وتؤكد أن قدراتها على مكافحة التجسس تطورت بشكل كبير، ما يعزز ثقتها في التصدي لأي محاولات اغتيال.
التهدئة عبر واشنطن وقنوات الاستخبارات
رغم التصعيد الكلامي، يرى أغلب المسؤولين أن التوتر سيظل تحت السيطرة بفضل الوساطة الأمريكية وقنوات الاتصال الاستخباراتية القائمة بين أنقرة وتل أبيب منذ عام 2022.
محللون إسرائيليون أيضًا يستبعدون تنفيذ اغتيالات داخل تركيا، مشيرين إلى قوتها العسكرية وعضويتها في الناتو، وهو ما يجعلها قادرة على إحداث “صداع خطير” لإسرائيل إذا تجاوزت حدودها.
لندن – اليوم ميديا