
إبراهيم فريحات - الأناضول
جنين – (vallmedia)
بعد 17 عاما من حياته قضاها معتقلا بسجون النظام السوري المخلوع، يقول الفلسطيني إبراهيم فريحات بعد أن تحرر من قيد السجان، إنه يشعر كأنه وُلد من جديد وإن عمره شهر واحد فقط.
فريحات (75عاما) وصل مساء الاثنين إلى منزل عائلته في بلدة اليامون بمحافظة جنين شمال الضفة الغربية المحتلة، بعد أن تحرر من سجون النظام الذي سقط في الأسبوع الأول من ديسمبر المنصرم.
ويجالس الرجل أبناء بلدته ويتلقى التهاني والتبريكات، ولسان حاله يقول إنه لم يكن يتوقع يوما أن يخرج حيا من السجن.
ذاكرته مثقلة بذكريات أليمة وتعذيب وقمع تعرض له في السجون، ويقول للأناضول: “لم أكن أتوقع أن أُعتقل، ولم أرتكب أي جرم”.
ويذكر فريحات الذي يحمل الجنسية الأردنية أيضا أنه كان يعمل سائقا بين الأردن والعاصمة السورية دمشق، وأنه لُفقت له تهم وقدم للمحاكم العسكرية دون اعتراف منه بشيء ودون تخصيص محام للدفاع عنه.
وفجر 8 ديسمبر 2024 بسطت الفصائل السورية سيطرتها على دمشق، وفر رئيس النظام بشار الأسد وعائلته إلى روسيا، التي منحتهم اللجوء لما اعتبرتها “أسباب إنسانية”.
تعذيب قاس
وعن بداية فترة اعتقاله، يقول فرحات إنه كانت في سجن “فرع فلسطين” الشهير في دمشق، حيث أمضى فيه 9 شهور، منها 72 يوما في التحقيق وصفها بأنها “الأبشع والأقسى”.
ويضيف: “التحقيق لا يوصف، أتمنى أن أنسى تلك الأيام، نزعت عني كافة ملابسي وتعرضت للضرب بالكوابل (أسلاك الكهرباء)، وعشت تحت ضغط من أجل نزع اعترافات بجرم لم أرتكبه”.
ويتابع: “بعد أيام تم نقلي إلى الطابق السلفي من السجن، وهناك عُلقت من يديّ بمرابط حديدية، وتعرضت لصعقات كهربائية متتالية ثم تركت معلقا في الهواء حتى اليوم التالي، ثم أجبرت على الوقوف على بلاطة أرضية بمساحة 30 سم مربع بحيث نمنع تماماً من أي حركة”.
ويشير إلى أنه بعد ثلاثة أيام من الوقوف المتواصل نقل إلى حجرة الحبس الانفرادي حيث غاب عن الوعي.
الأيام الأخيرة والميلاد الجديد
يوضح فريحات أن أخبار الثورة السورية كانت تصل إلى السجناء، وكان الأمل ينمو لديهم يوميا بأن الحرية اقتربت، لكنه “أمل ممزوج بالخوف والقلق”.
ويضيف: “يوم فتح السجون كان أشبه بيوم القيامة، الكل يكبر ويركض بحثا عن النجاة”.
ويبين أنه ركض لمسافة 35 كيلومتر تقريبا فور فتح السجن، دون أن يعرف كيف تمكن من فعل ذلك ثم وصل نقطة تعرف فيها على سوريين أخبرهم بحاله طالبا منهم أن يدلوه على الحدود الأردنية.
ويزيد: “كان المشهد لافتا، احتفل بي الأخوة السوريون ونقلوني إلى منزلهم، وفجرا وصلت الحدود الأردنية”.
ويتابع ووجهه تعلوه ابتسامة: “لم أفكر سوى في كيف يمكن أن أعود إلى عائلتي التي أشتاق إليها (..) أشعر أنني ولدت من جديد حتى أن عمري شهر واحد فقط”.
ويردف: “في الحقيقة لم أتوقع أن يأتي يوم أعود فيه إلى بلدتي وعائلتي، كنت أتوقع الموت في السجن”.
ويختم بالقول: “خلال 17 عاما لم ألتق بعائلتي سوى مرة واحدة، سمح لي بعد عامين أن أخبر العائلة بمكاني حيث زاروني مرة واحدة وطلبت منهم عدم العودة لزيارتي مرة أخرى”.