
الرئيس السوري أحمد الشرع
دمشق – وكالات
في كاريكاتير انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر أحمد الشرع، الرئيس الانتقالي لسوريا، في صورة بطل خارق ملتح، ضخم، يصافح دبلوماسيين، على ما يبدو. وفي رسم آخر، يظهر كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشمالية، ذو حجم ضئيل في الخلفية، مرتبكا.
زعم حساب صحفيّ سوري معروف أن هذه الرسوم نشرت في صحف كوريّة جنوبيّة، وبحسب تقرير لبي بي سي فإنه لم يتم العثور على هذه الصورة منشورة في الصحف الكورية.

الصورة ساخرة وخياليّة، لكنّها تعكس واقعا تمر به سوريا اليوم – سوريا ما بعد الأسد؛ فبعد تحالف طويل الأمد مع كوريا الشمالية، ظهرت بوادر شراكة غير مسبوقة مع كوريا الجنوبية.
في العاشر من أبريل 2025، زار وزير خارجية كوريا الجنوبيّة، تشو تاي يول، دمشق في زيارة وصفتها صحيفة “كوريا جونغ أنغ ديلي” بأنها “أشبه بمشهد من روايات التجسس الدبلوماسي”، في إشارة إلى الطابع المفاجئ والسري الذي رافق الزيارة، والتي لم تُعلن تفاصيلها إلا بعد إتمامها.
نُظر إلى الزيارة، التي شملت لقاءات مع الرئيس المؤقت أحمد الشرع ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني, على أنها خطوة غير تقليدية، تحمل دلالة استراتيجية واضحة لكل من سيول ودمشق.
بالنسبة لكوريا الجنوبية، مثّلت هذه الخطوة تقدما في جهودها لعزل كوريا الشمالية دبلوماسيا؛ فدمشق هي الدولة الأخيرة العضو في الأمم المتحدة التي لم تقم معها سيول علاقات دبلوماسية – باستثناء كوريا الشمالية طبعا.
أما بالنسبة لسوريا، فهذه هي المرة الأولى التي تُحوِّل فيها بوصلتها السياسية تجاه كوريا الجنوبية منذ ستينيات القرن الماضي، مما يعكس تحولا جذريا في سياستها الخارجية.

وقد تستفيد حكومة الشرع من مثل هكذا تقارب بفضل تجربة كوريا الجنوبية في إعادة بناء الدولة والإعمار.
فالحرب الكورية (1950–1953) قسمت شبه الجزيرة الكورية وأودت بحياة مئات الآلاف وخلّفت دمارا شبه كامل للبنية التحتية في الجنوب. لكن ما تلاها كان أكثر لفتا للنظر؛ فقد تمكنت كوريا الجنوبية، خلال عقود قليلة، من التحول من واحدة من أفقر دول العالم إلى قوة اقتصادية وتكنولوجية يُشار إليها عالميا.
وبعد زيارة دمشق، قال مسؤولون من الخارجية الكورية الجنوبية إن بلادهم مستعدة لدعم جهود إعادة الإعمار في سوريا، خاصة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والمعلومات، وفقا لصحيفة “ذا كوريا هيرالد”.
وسيمنح الانخراط في جهود إعادة الإعمار في سوريا الشركات الكورية فرصة لدخول سوق جديدة واعدة في مجالات الطاقة والبناء والتكنولوجيا، ما يعزز من حضور كوريا الجنوبية كفاعل اقتصادي وإنساني في الشرق الأوسط.
تذكّر جانغ جي هيانغ، مديرة مركز الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معهد آسان للدراسات السياسية في سيول، بأن الشرع هو القائد السابق لهيئة تحرير الشام، المعروفة بجذروها المتطرفة. “لكنه (الشرع) يبدو كمن يحاول تعديل خطابه السياسي، وقد وعد بنظام يحترم الأقلية الشيعية (إشارة إلى العلوية) في سوريا”، وفقا لما نقلته صحيفة “ذا كوريا تايمز” عن الباحثة.
وأوصت بعض الصحف الكورية، ومنها صحيفتا “ذا كوريا هيرالد” و”جونغ آنغ إلبو”، بضرورة “التعامل الحذر” مع الشرع وحكومته، نظرا لتقلبات الساحة السورية وعدم وضوح مستقبل النظام الانتقالي حتى الآن.
ومع ذلك، وصفت وزارة الخارجية الكورية هذا التطور بأنه “بداية فصل جديد من التعاون”، مؤكدة أن الحكومة السورية الجديدة ترى في كوريا الجنوبية “شريكا استراتيجيا لإعادة الإعمار”.