image

خالد عمر بن ققه

وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته الحالية إلى السعودية وقطر والإمارات ـ قبل وصوله ـ بالتاريخية، وهي كذلك بالفعل ليس من جهة التقييم الأميركي المسبق لها فحسب، وما سيتبعه من تحقيق نتائج تتعلق بالمصالح الأمريكية في المنطقة على النحو الذي تابعناه في السعودية، وإنما أيضا من الطرف الخليجي (الدول الثلاث السَّابقة الذكر)، حيث تتطلع دُولُه إلى مزيد من الإسهام في صناعة القرار على المستوى الدولي، والذهاب نحو مستقبل تتبوأ فيه مكان الصدارة، وخاصة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي ستكون المحطة الأخيرة في زيارته.

من المتوقع أن تسفر زيارة ترامب إلى الإمارات عن الإعلان عن سلسلة من الصفقات المالية بين البلدين، تشمل استثمارات تُركز على الذكاء الاصطناعي، وأشباه المُوصِلات، والتصنيع، والطاقة، وذلك ضمن تعهدها بإنفاق 1.4 تريليون دولار على استثمارات في الولايات المتحدة على مدى 10سنوات، وهذا يسير وفق بُعْدين لرؤيتها، الأول: يتعلق بمشروعها الطموح في مجال الذكاء الاصطناعي، والثاني: يخصُّ علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأميركية.

فبالنسبة للبعد الأول من رؤيتها الطموحة والمشروعة ــ يقترب من إتمام عامه الثامن بعد خمسة أشهر من الآن ــ ذلك أنه سبق لحكومة دولة الإمارات في أكتوبر 2017م، إطلاق استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، وكان القصْد منها ـ ولايزال ـ تحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وتعجيل تنفيذ البرامج والمشروعات التنموية لبلوغ المستقبل، بحيث يتم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الخدمات وتحليل البيانات بمعدل 100% بحلول عام 2031، ومن ثم الارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة.

وخلال السَّنوات السبع الماضية سعت الإمارات لأجل أن تكون الأفضل في كل المجالات على المستوى العالمي، وأن تصبح الأولى عالميّاً في استثمار الذكاء الاصطناعي بمختلف قطاعاتها الحيوية، مما أدى إلى انشاء سوق جديدة وواعدة في المنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية، وستشمل دول أخرى ومنها الولايات المتحدة الأميركية، الأمر الذي ستؤكده الصفقات التي ستبرم مع واشنطن في هذا المجال خلال الزيارة الحالية للرئيس دونالد ترامب.

على النحو السابق، تعمل الإمارات على أن تكون دولة فاعلة على الصعيد الدولي في عالم يشهد تحولاً سريعاً في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، مما يعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي، التي هي شريكة في صنعه والتأثير عليه في إطار تحقيق استراتيجية تكنولوجية تدفعها نحو المستقبل.

ويتعلق البعد الثاني لرؤية الإمارات ذات الطابع الاستراتيجي، بعلاقتها بالولايات المتحدة، كما ذكرنا سابقا ـ وقد أكد عليها الرئيس دونالد ترامب على عمقها التاريخي ورابطها المتينة التي تجمع بين الدولتين، القائمة والتي على أسس راسخة من التعاون والتفاهم المشترك، بل أنه ذهب إلى القول: “لطالما كانت دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة شريكتين في العمل على تحقيق السلام والأمن في الشرق الأوسط والعالم”، وقد جاء ذلك عند استقباله في البيت الأبيض لسمو الشيخ” طحنون بن زايد آل نهيان” نائب حاكم إمارة أبوظبي مستشار الأمن القومي في 19 مارس الماضي.

وفي اللِّقاء السَّابق الذكر، ذهب الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى القول: “ركزت نقاشاتنا على مستقبل الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد التي تربط البلدين الصديقين، وتعزيز رؤيتنا المشتركة للازدهار والتقدم”، ولا شك أن زيارة ترامب إلى الإمارات تأتي ضمن تحقيق أهداف المستقبل حيث المصالح المشتركة بين الدولتين.

زيارة ترامب إلى الإمارات ستكون متَّسقة مع ما ذكره الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، حين قال عند استقباله من طرف ترامب: “تؤكد دولة الإمارات التزامها بتعزيز علاقاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة عبر تسريع الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية والصناعات والطاقة والرعاية الصحية، كون هذه المجالات تمثل ركائز أساسيّة للنمو والتنمية المستدامة”.. وكل هذا يعني أن استراتيجية الإمارات ثابتة، وأهدافها واضحة، وطموحها مشروع.