
(اليوم ميديا) – رامي صلاح
“الإمارات دولة مهمة للغاية.. ويوجد قائد عظيم هناك“.. هكذا تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبل أن يبدأ زيارته التاريخية لبلدان الخليج العربي والذي اختتمها عن قصد بزيارة الإمارات ولقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
إن زيارة ترمب للإمارات تعكس إدراك أميركي بثقل الدولة اقتصادياً وسياسياً ونفوذها المتنامي إقليمياً وعالمياً إلى جانب العلاقة الخاصة التي تجمع بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، والرئيس الأميركي منذ الولاية الأولى لترامب (2016-2020).
من هنا فقط يمكننا أن نفهم لماذا تجاوز ترامب الحلفاء الغربيين التقليديين في أوروبا والقارة الأميركية ليجعل أول محطة لزيارته الرسمية هي بلدان الخليج العربي ويجعل اللقاء مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمثابة الإعلان النهائي عن حصاد زيارته وبالتالي يمكن للقاصي والداني أن يدرك ما هي أهمية الإمارات الاستراتيجية اليوم وما هو حجم نفوذها الإقليمي والعالمي.
• شراكة استراتيجية طويلة الأمد
إن زيارة ترمب للإمارات جاءت بعد أقل من شهرين من استقبال الرئيس الأميركي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبوظبي، مستشار الأمن الوطني، في البيت الأبيض.. وهو اللقاء الذي سلطت وسائل الإعلام الأميركية وقتها على حفاوة الاستقبال للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مقابل التعامل المغاير للرئيس الأميركي مع ضيوف سابقين.
وعبر وقتها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان عن شكره للرئيس الأميركي لحفاوة الاستقبال والترحيب.
ففي هذا اللقاء كان واضحاً أن الإمارات والولايات المتحدة يركزان نقاشاتهما على مستقبل الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد التي تربط البلدين وتعزيز العلاقات وتسريع الاستثمار في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة والبنية التحتية والصناعات والطاقة والرعاية الصحية باعتبارها ركائز أساسية للنمو والتنمية المستدامة.

هذه الشراكة الاستراتيجة تقوم على توافق في الرؤى لمستقبل منطقة الشرق الأوسط واعتبار السلام والاستقرار أساس الازدهار في المنطقة، وخفض حجم التوترات إلى الحد الأدنى في هذه البقعة المتوترة من المعمورة.. ومن هنا كان ترحيب دولة الإمارات بقرار الرئيس الأميركي الأخير برفع العقوبات عن سوريا واعتباره يمثل دعماً مهماً لجهود تعزيز النماء والازدهار في سوريا.
اقرأ أيضاً
لماذا تحمل زيارة ترامب لدولة الإمارات أهمية استثنائية؟
بالتوازي، فإن زيارة ترامب لأبوظبي تعد خطوة مهمة في استكمال الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد عبر عقد المزيد من الاتفاقات بين الجانبين في المجال الاقتصادي ومجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، حيث يتوقع أن ترتفع قيمة الاستثمارات بين البلدين إلى نحو 1.4 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة. فهي شراكة ترسم بالفعل خريطة الاستثمار العالمي، تقود إلى تعزيز حضور الإمارات في سوق التقنيات العالمي وفتح أبواب الأسواق الأميركية أمام الشركات الإماراتية الناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات والطاقة النظيفة والبنية التحتية المتقدمة.
• الإمارت.. دور سياسي متعاظم
إلى جانب الشراكة الاقتصادية، فإن الزيارة تعبر عن دور إماراتي سياسي متعاظم في الإقليم والعالم، فقد نجحت الإمارات وقيادتها في لعب دور فاعل في العديد من القضايا الرئيسية عجزت عن القيام به دول كبرى في المنطقة والعالم باعتراف الولايات المتحدة.
إن الإمارات – على سبيل المثال وليس الحصر- تلعب دوراً رئيسيا في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا لإنجاز عمليات تبادل أسرى الحرب عبر أكثر من 14 وساطة عكست علاقة خاصة وفريدة تجمع الإمارات بكل من روسيا وأوكرانيا .. وعند الحديث عن ملف الحرب في أوكرانيا فإن الإمارات حاضرة بصفتها صاحبة الثقل السياسي والعلاقة المتوازنة بين الطرفين وبالتالي فإن ترمب سيطلع على رؤية الإمارات لحل الصراع باعتبارها فاعلاً.
وبشأن الحرب في الشرق الأوسط، فإن الإمارات هي الوحيدة التي لها دور إنساني فاعل ورئيسي لتخفيف معاناة أهالي غزة، مع احتفاظها بعلاقاتها مع دولة إسرائيل وقدرتها على وضع رؤى لها وزنها بشأن القدرة على حل الصراع وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني مع تحقيق الأمن في المنطقة والحيلولة دون عودة الإرهاب والتطرف.
وفي أزمة شبه القارة الهندية وملف أمن البحر الأحمر، تعد الإمارات شريكاً رئيسياً وصاحبة دور فاعل في محاولة إنهاء التهديدات للأمن العالمي..
إن هذا الدور السياسي المتعاظم ليس وليد صدفة وليس تعبيراً عن حجم الاستثمارات الإماراتية وريادتها الاقتصادية بل تعبيراً عن حكمة سياسية وفهم للتحولات الإقليمية والعالمية جعلت من أبوظبي عاصمة عالمية وصاحبة رؤية لا يمكن تجاوزها..
من أجل كل ما سبق، فإن ترمب يأتي إلى الإمارات في إدراك أميركي بأن المعادلة قد تغيرت وإن أبوظبي أصبحت قوة إقليمية كبرى وشريكا عالمياً في القضايا الرئيسية، شريك يسعى إلى نشر السلام والتسامح والحفاظ على الأمن والوقوف ضد التطرف والإرهاب وتعزيز التعاون الدولي.. شريك "صادق وعظيم" بحسب وصف ترمب.