لقطة الشاشة 2025-04-27 في 11.24.06 ص

الرئيس السوري أحمد الشرع

اليوم ميديا – (رامي صلاح)

سئل وزير الخارجية الإماراتي، عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال حوار متلفز، عن مدى إمكانية أن يمنح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ثقته للرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع. فأجاب: “أعتقد أنه من السابق لأوانه استخدام مصطلح “الثقة”، أعتقد إنه وحكومته يقولون الأشياء الصحيحة، لكن من الواضح أنهم ليس لديهم القدرة في الوقت الحالي على تنفيذ وعودهم رسائلهم، أتمنى حقا أن يوفر لهم رفع هذه العقوبات تلك القدرات”.

تحديات واختبارات كبرى

تلقى النظام السوري الجديد، خلال الأيام القليلة الماضية، دفعة سياسية واقتصادية كبيرة ومؤثرة تجلت في عدة إجراءات وقرارات أُعلِن عنها خلال جولة الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، للشرق الأوسط متمثلًا في ثلاث دول خليجية هي السعودية وقطر والإمارات، على الترتيب.

رغم ذلك تبقى التحديات التي تواجه “الشرع” وإدارته الجديدة شديدة الخطورة والتعقيد، تحديات يعرف كل متابع للوضع الإقليمي أو الشأن السوري مدى استحالة أن يواجهها وحيدًا نظام يمر بطور التشكل في الأساس.

لذا يعد الدعم الخليجي الذي تلقاه هذا النظام مؤخرًا بمثابة الاختبار العملي على مدى صدق توجهاته ومستوى قدرته على تفعيل هذه التوجهات وتحويلها إلى أمر واقع سوري جديد.

كلمات مُبشرة في قمة بغداد

خلال مشاركته في القمة العربية الرابعة والثلاثون، والتي استضتفها العاصمة العراقية “بغداد”، يوم السبت 17 مايو الجاري، قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أمام القمة العربية: “إن سورية تعود إلى حضنها العربي”، وأشاد بالخطوات الخليجية لرفع العقوبات عن بلاده وكسر عزلتها.

كما أكد أن "سورية الجديدة" لجميع أبنائها ولا مكان فيها للعزل والتمييز، كما أنها لا تعادي أحدا بل تفتح أياديها للجميع. بالإضافة إلى ذلك اتهم "الشيباني" من وصفهم في كلمته بـ"الأطراف الخارجية" إنهم يدعمون تشكيلات انفصالية ومشاريع طائفية تسعى لتقويض مؤسسات الدولة.

كلمة حملت في طياتها رسالة رسمية واضحة من الدولة السورية إلى محيطها الأقليمي والمجتمع الدولي ككل؛ مفادها إن "سورية الجديدة" حريصة على تصحيح أخطاء "سورية القديمة"، إن كان على مستوى العلاقات الخارجية أو السياسات الداخلية.

دور خليجي بارز

أتت كلمات "الشيباني" في ضوء خطوات إيجابية قدمت لحكومته كثير من الدعم وزللت أمامه عديد العقبات، فخارجيًا تسببت الخيارات الإقليمية -والخارجية عموما- للنظام السابق في إدخال بلاده حالة من العزلة السياسية استمرت لسنوات طويلة إن كان في محيطها العربي أو على المستوى العالمي.

عزلة بدت في طريقها للانتهاء بعد قرار رفع العقوبات الأميركية على سورية، الذي أعلنه الرئيس الأميركي في مستهل جولته الشرق أوسطية التي اقتصرت على زيارة السعودية وقطر والإمارات، على الترتيب.

جاء ذلك بعد لقاء جمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، برعاية سعودية مباشرة.

اقتصاديا

اسهم الدعم الخليجي بشكل مباشر في كسر حالة الجمود بين الاقتصاد السوري والمنظمات الدولية الداعمة، إذ صدر في إبريل الماضي بيان سعودي - قطري مشترك، جاء فيه:

"في ضوء ما تمت مناقشته خلال اجتماع الطاولة المستديرة بشأن سوريا على هامش اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، أعلنت وزارتا المالية في كل من المملكة العربية السعودية ودولة قطر عن سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، التي تبلغ حوالي 15 مليون دولار".

ما يعني إمكانية عودة مجموعة البنك الدولي لدعم سوريا بعد توقف استمر خمسة عشر عام، دعم لا يقتصر على الأموال إنما يمتد إلى الجانب الفني ما يسهم في إعادة بناء مؤسسات الدولة وتنمية قدراتها.

كما دعا البيان المشترك "المؤسسات المالية الدولية والإقليمية إلى سرعة استئناف وتوسيع أعمالها التنموية في سوريا وتضافر جهودها ودعم كل ما من شأنه تحقيق طموحات الشعب السوري الشقيق لمستقبل واعد من العيش الكريم مما يسهم في استقرار المنطقة وازدهارها".

تحديات داخلية

يعد التحدي الأمني هو الأصعب فيما تواجهه "سورية الجديدة"؛ فالتعدد الثقافي والديني والمذهبي عند الشعب السوري الشقيق بالإضافة للإرث السلبي للنظام السابق والروح الانتقامية التي تبثها التنظيمات المتطرفة.. كلها مفردات يمكنها مجتمعة أن تكون مخيفة ومهددة لتحقيق الاستقرار والتأسيس لسلام مجتمعي حقيقي.

ما أشار له "الشيباني" في كلمته أمام قمة بغداد: "إن سورية الجديدة لجميع أبنائها ولا مكان فيها للعزل والتمييز"؛ في إشارة لحرص حكومته على إنهاء سياسات النظام السابق في هذا الشأن، وتوضيح إنها لا تنتوي تبني خطاب أصحاب الرؤى الانتقامية.

كلمات سعت قوات الأمن السورية البرهنة على جديتها، بتنفيذها أول عملية لمكافحة الإرهاب تحت قيادة الحكومة الانتقالية؛ إذ داهمت عدد من الأوكار التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في حلب، ثاني أكبر مدن سورية، وأسفرت العملية عن مقتل مسلح واعتقال 10 آخرين، مع مصادرة أسلحة وعبوات ناسفة.

في خطوة تسعى الإدارة السورية من خلالها لاكتساب "الثقة" التي تحدث عنها عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي.

ترحب وترقب

ما تلقاه الرئيس السوري المؤقت، أحمد الشرع، وحكومته من دعم خليجي بهدف تمكينه من اتخاذ خطوات عملية في طريق الوصول بسورية وشعبها إلى بر الأمان، كان له عظيم الأثر على القمة العربية.

فأكد رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الذي تسلمت بلاده رئاسة القمة العربية، خلال كلمته الافتتاحية على مواقف العراق الداعم لوحدة سورية ورفض أي شكل من أشكال اللاعتداء على أراضيها.

ومن جانبه، أبدا الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ترحيبه بقرار الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سورية، ودعا إلى استثمار هذا القرار الهام لتحقيق مصالح الشعب السوري.

كما خصص ضيف القمة، رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، جانب من كلمته للحديث عن سورية شدد خلاله على أهم سيادة الدولة في سورية واستقلالها ووحدها أراضيها مشيرا لكونها عناصر مهمة جدا لاستقرار المنطقة ككل؛ لذا يجب دعم العملية السياسية هناك.

هذا وتضمن البيان الرسمي للقمة، إعلان بغداد، بندًا يشير إلى تأكيد القمة العربية على تمسكها بوحدة الأراضي السورية وسيادة دولتها على هذه الأراضي.. بالإضافة إلى دعم الشعب السوري بمختلف مكوناته.

وبطبيعة الحال فكل ما سبق من ترحيب بإعلان الإدارة الجديدة "عودة سورية إلى الحاضنة العربية" يواكبه ترقب لما ستقوم هذه الإدارة في تنفيذه بالفعل، وإلى أي مدى سيرتقي بعيدًا عن ماضي الدولة السورية وماضي وارتقاء النظام السوري الجديد نفسه عن ماضي مكوناته؛ ما يجعله وقتها "أهل ثقة".