image

اليوم ميديا – (مريم عيسى)

قبل أن تحتل نغمات الآيفون والهواتف الذكية آذاننا، كان للعالم صوت واحد مألوف.. بسيط، لكنه حاضر في كل مكان: نغمة نوكيا. لم تكن مجرد تنبيه لوصول مكالمة، بل كانت رمزًا لعصر كامل من التكنولوجيا، رنّت في جيوب المليارات، وأعلنت دخول العالم حقبة الهاتف المحمول.

كان لشركة نوكيا التي تأسست على يد رجل الأعمال فريدريك إيدستام عام 1865 وبدأت نشاطها في مجال صناعة الأخشاب، الفضل لاحقًا في إنشاء أول شبكة اتصالات محمولة في فنلندا في سبعينيات القرن العشرين لتصبح أول دولة في العالم لديها تغطية كاملة للاتصالات الهاتفية المحمولة لمواطنيها.

أول جهاز محمول بالعالم

عام 1981 تركت العملاقة “نوكيا”، بصمة تاريخية في عالم الاتصالات بإنتاج أول جهاز محمول بالعالم بوزن 10 كيلوجرامات، وبعدها بنحو 11 عامًا أطلقت أول جهاز محمول للاصتال عبر الأقمار الصناعية.

كانت نوكيا من أوائل شركات الهواتف التي ركّزت على التصميم والتميز، بدءًا من الهواتف بأسعار معقولة جدًا ووصولًا إلى أحدث الهواتف المتطورة. في عالم ما قبل آبل وجوجل وحتى سامسونج، كانت نوكيا متفوقة على جميع الشركات الأخرى.وهي أيضًا أول شركة مصنعة للهواتف المحمولة تدعم الرسائل النصية القصيرة، وقد صُممت لوحات مفاتيح الهواتف بشكل مثالي لها، للتغلب على مشكلة على تكلفة المكالمات الهاتفية الباهظة عن طريق الرسائل النصية في ذلك الوقت.

عملاق متعثر

بحلول عام 1999 بلغت أرباح شركة نوكيا التشغيلية 4 مليارات دولار أميركي بحلول لكن هذا النجاح لم يدم طويلًا.

كان ظهور آيفون من قبل شركة أبل ضربة قوية للعملاق التاريخي الذي لم يحدد معالم صناعة فحسب، بل هيمن عليها لأكثر من عقد من الزمان، فأطاح بها من الأسواق. استحوذت عليها شركة مايكروسوفت عام 2013 ثم بيعت نوكيا عام 2016.

بمنتصف الألفية، كان العالم على ثورة في عالم الاتصالات مع إطلاق الهواتف المحمولة التي يتم تشغيلها باللمس، بعد أن اطلقت جوجل نظام التشغيل أندرويد، ما فتح الباب أمام شركات مثل سامسونغ وHTC لتدشين صناعة جديدة بأدوات مبهرة.

لم تجد محاولات نوكيا للبقاء موطيء قدم في سوق يتطور كل دقيقة، لذا لم ينجح هاتفها 5800 XpressMusic الذي أطلقته عام 2008

استحوذت عليها شركة مايكروسوفت عام 2013 ثم بيعت نوكيا عام 2016 ليسدل بذلك الستار على قصة نجاح امتدت لعقود بعد أن انهارت حصة نوكيا في سوق الهواتف المحمولة لأقل من 1%.

غران فالس

لم تكن قصة نجاح نوكيا مجرد سيطرة على أسواق الهواتف المحمولة، بل تركت إرثُا ثقافيًا لا يمحى من الذاكرة. فمن منا من مواليد الثمانينات والتسعينات لا يتذكرون نغمة رنين نوكيا المعدة مسبقًا غران فالس للفنان فرانسيسكو واليت أفادت تقارير بأن النغمة سُمعت ما يقدر بنحو 1.8 مليار مرة يوميًا حول العالم أي ما يعادل 20,000 مرة في الثانية.

تكريماً لمساهمات نوكيا التاريخية في ظهور الهواتف المحمولة، أعلنت جامعة آلتو البحثية الشهيرة في فنلندا، عن إطلاق أرشيف تصميمات نوكيا الفني، "Nokia Design Archive" في 15 يناير 2025 تضمن قاعدة بيانات مجانية على الإنترنت يحتوي على 20 ألف عنصر و959 جيجابايت من الملفات الرقمية من نوكيا، ونحو 700 رسم وتصميم منذ التسعينيات حتى عام 2017.