
مشهد من فيلم "داي ماي لاف"
أمنية أحمد
وسط أضواء السجادة الحمراء وعدسات الكاميرات التي تلاحق النجوم، خطف فيلمٌ هادئ لكنه موجِع الأضواء في مهرجان “كان” السينمائي هذا العام.
فبعيداً عن الإثارة البصرية والتجارب الجريئة، اختار هذا العمل الغوص في أحد أكثر المواضيع حساسية وصمتاً: اكتئاب ما بعد الولادة.
وبين كل عرض وآخر، وقف الجمهور في صالة العرض تصفيقاً، ليس فقط تقديراً للفن، بل لأمهات كثيرات يخفين وجعاً عميقاً خلف ابتسامة الأمومة المتوقعة.
الفيلم، الذي صُوّر بواقعية جارحة وحنان مؤلم، أعاد فتح النقاش حول الصحة النفسية للمرأة بعد الولادة، وكأن الشاشة الكبيرة أصبحت أخيراً مرآةً للحقيقة المسكوت عنها.
فيلم “داي ماي لاف”
وناقش الممثلان روبرت باتينسون وجينيفر لورانس، بطلا فيلم “داي ماي لاف”، المعروض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي، صعوبات فترة ما بعد الولادة، وكيف استلهما تجاربهما الشخصية من أجل صنع الفيلم المقتبس من رواية للكاتبة أريانا هارويتز، صدرت عام 2017.
وقالت "لورانس، التي أنجبت في الآونة الأخيرة طفلها الثاني، في لقائها مع مجموعة من الصحافيين، في منتجع الريفييرا الفرنسية: "لا شيء يضاهي فترة ما بعد الولادة. إنها فترة عزلة شديدة".
وأضافت لورانس، الحائزة على جائزة أوسكار عام 2013، في إشارة إلى شخصيتها في الفيلم: "كأم، كان من الصعب علي حقا الفصل بين ما كنت سأفعله وما كانت ستفعله".
قصة الفيلم
وتدور أحداث الفيلم في منطقة ريفية نائية تكاد تكون منسية في فرنسا. باتينسون ولورانس، جاكسون وجريس، زوجان سعيدان ينتقلان إلى بلدة صغيرة في ولاية مونتانا وينجبان طفلا، ما يزيد من الضغط على علاقتهما بينما تكافح جريس، التي تعمل كاتبة، للتعامل مع هويتها الجديدة كأم، وعليها تربية طفلها وممارسة حياتها الطبيعية، ولكنها تصاب باكتئاب ما بعد الولادة، فتكافح للحفاظ على سلامتها العقلية وسط معاناتها من مرض الذهان، وتحارب المرأة شياطينها، لأنها تعشق الحرية، بينما تشعر بأنها مقيدة وتتوق إلى الحياة الأسرية، لكن في الوقت نفسه تريد حرق المنزل بأكمله، ومع منح أسرتها حرية التصرف بشكل مفاجئ لسلوكها غير المنتظم على نحو متزايد، فإنها مع ذلك تشعر بالاختناق والقمع بشكل مبالغ به، وتقع في الخطأ بالعودة إلى علاقة سابقة.
ويحاول زوجها تفهم حالة الاكتئاب ويحتويها لكن أحداثا دراماتيكية متزايدة تجعل مهمة الزوج مستحيلة، فقد كانت مشاهد المزرعة وعزلة العائلة والشوارع الفارغة من المارة توحي بذلك، وهو مازاد من حالة الاكتئاب.
وقال باتينسون: "عند التعامل مع شريكة تمر بمرحلة ما بعد الولادة أو أي نوع من الأمراض النفسية أو الصعوبات، فإن محاولة التعامل مع عزلتها وتحديد دورك أمر صعب، خاصة إذا لم يكن لديكما اللغة المشتركة".
والفيلم هو أحدث أفلام المخرجة الاسكتلندية لين رامزي المعروفة بأفلامها الدرامية العاطفية، وحظي بتصفيق حار لمدة 9 دقائق في عرضه الأول، ولاقى استحسانا كبيرا من النقاد الذين شاهدوا الفيلم في مهرجان كان.
وأوضح باتينسون، الذي رُزق بطفلة العام الماضي، أن تلك التجرية أعادت إليه نشاطه وحيويته. وتابع: "بطرق غير متوقعة، يمنحك إنجاب طفل أكبر قدر من الطاقة والإلهام".