
✍️ ربيع يحيى – (واشنطن/ا لقدس)
في قلب العاصمة الأميركية، وعلى أعتاب المتحف اليهودي، دوّى الرصاص. صرخات، هرج، ودماء دبلوماسيين إسرائيليين غطّت واجهة أحد أبرز رموز الوجود الثقافي اليهودي في الولايات المتحدة. في الخلفية، تعلو عبارة واحدة: “فلسطين حرة”. أما في الكواليس، فهزة عنيفة تضرب أروقة الاستخبارات الإسرائيلية، وعلى رأسها جهاز “الموساد”، وسط اتهامات بـ”الإخفاق” و”العمى الاستخباري”.
🎯 “الضربة المزدوجة”: واشنطن ليست وحدها
لم تكن الحادثة معزولة. فبحسب صحيفة “معاريف” العبرية، فإنها تمثل الإخفاق الثاني للموساد هذا العام، بعد حادثة أمستردام حين تعرّض مشجعو فريق “مكابي تل أبيب” لهجوم عنيف عقب مباراة، وسط غياب الحماية رغم تحذيرات سابقة.
في الحالتين، تتكرر النتيجة ذاتها: فشل في التنبؤ، وفشل في الوقاية. أما الفرق، فهو أن الهجوم في واشنطن أوقع قتلى دبلوماسيين، وأعطى خصوم إسرائيل في الخارج ذريعة إضافية للتشكيك بقدرات أجهزتها الأمنية.
🕵️♂️ من المتحف إلى المساءلة: ماذا جرى بالضبط؟
الوقائع، كما نقلتها وسائل الإعلام، تشير إلى أن إلياس رودريغيز، المهاجم ذو الثلاثين عامًا، وصل إلى محيط المتحف اليهودي بالتزامن مع فعالية ثقافية – دبلوماسية نظّمتها السفارة الإسرائيلية. هناك، كان يارون ليشينسكي وسارة ميلغرام – دبلوماسيان إسرائيليان – على وشك مغادرة الموقع.
مع اقترابهما من البوابة، فتح رودريغيز النار، مرددًا عبارة "فلسطين حرة"، قبل أن يتمكن من التسلل إلى داخل المتحف، حيث ألقت الشرطة القبض عليه لاحقًا.
🔓 ثغرات أمنية قاتلة
اللافت في تفاصيل الحادثة، بحسب مصادر أمنية تحدّثت لـمعاريف، هو غياب التحذيرات المسبقة، رغم أن الفعالية كانت معلنة ومفتوحة، وشارك فيها دبلوماسيون وشخصيات عامة. لم تُرصد مؤشرات خطر. لم يتمّ تأمين المحيط بشكل كافٍ. ولم تُعزز وحدات الحماية، رغم السياق السياسي المتوتر.
النتيجة؟ قتلى، ومأزق استخباري، وسؤال كبير يطفو: أين كان "الموساد"؟
🔁 توزيع الصلاحيات أم توزيع المسؤولية؟
داخل إسرائيل، تتشابك الصلاحيات الأمنية. فـ"الشاباك" مسؤول عن تأمين المنشآت الدبلوماسية، فيما يتولّى "الموساد" تقييم التهديدات الخارجية، أما شعبة أمن وزارة الخارجية فتدير التفاصيل اللوجستية. لكن في واقعة واشنطن، يقول محللون إن هذا التوزيع أصبح تبريرًا للفشل، لا وسيلة للوقاية.
أحد الضباط السابقين علّق بالقول:
"عندما تُقتل شخصيتان دبلوماسيتان وسط واشنطن، فالجميع مسؤول… لا يعنينا من فشل أولًا، بل كيف فشل الجميع في آن واحد."
🧠 اختراق استخباري أم ذئب منفرد؟
حتى الآن، لم تُعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن هناك فرضيات قيد الدراسة في تل أبيب، تشمل خلايا تابعة لـ"حزب الله"، أو تنظيمات فلسطينية ناشطة في الغرب، أو حتى أفرادًا يعملون بشكل منفرد لكن يتغذون على خطاب تعبوي إلكتروني.
لكن الأكثر خطورة، بحسب الصحيفة، هو عدم وجود تصور استخباري بأن عملية كهذه قد تقع، ما يفتح الباب على نقاش حاد داخل المؤسسات الأمنية حول كيفية تقييم المخاطر في ظل التصعيد الإقليمي.
🔍 هل يتغير شيء؟
التحقيقات بدأت بالفعل. والنتائج، مهما كانت، لن تمرّ دون تبعات. تقول "معاريف" إن المساءلة ستطال أعلى المستويات، وإن الجهاز الذي يقوده دافيد برنياع قد يُجبر على إعادة هيكلة بعض أقسامه.
لكن إلى أن تنتهي التحقيقات، يبقى السؤال الأهم بلا إجابة:
هل فشلت إسرائيل في تصدير أمنها إلى الخارج؟ وهل ما جرى في واشنطن هو الاستثناء... أم بداية مرحلة جديدة من الاختراقات المعادية؟