image

لياس رودريغيز

✍️ فريق اليوم ميديا – (متابعة خاصة)

في جريمة صدمت العاصمة الأميركية، أطلقت شرطة واشنطن النار على رجلٍ يبلغ من العمر 31 عامًا بعد لحظات من قيامه بإعدام زوجين يعملان لصالح السفارة الإسرائيلية أمام متحف كابيتال اليهودي. صرخ بصوتٍ عالٍ: “الحرية لفلسطين”، قبل أن يُلقى القبض عليه، كاشفًا عن خلفية مثيرة للجدل لشخصيةٍ اعتادت لفت الأنظار في ساحات الاحتجاج، لا في ساحات الجريمة.

التحقيق الذي أجرته شبكة (CNN) الأميركية كشف أن إلياس رودريغيز لم يكن رجلاً عادياً. سجله السياسي حافلٌ بالاحتجاجات ضد نفوذ الشركات الأمريكية، والانتهاكات الأمنية، والتدخلات العسكرية في الخارج. لكنه هذه المرة، تخطى خطوط الاحتجاج السلمي إلى منطقة رمادية بين النضال والعنف.

في شهادة نُشرت عام 2017 على موقع GoFundMe، تحدّث رودريغيز عن "صحوة سياسية" بدأها وهو في الحادية عشرة، حين أُرسل والده، جندي في الحرس الوطني، إلى العراق. عاد الأب محمّلاً بـ"تذكارات من الحرب"، من بينها قطعة من زي جندي عراقي، ليشعل ذلك في الطفل شعلة رفض للسياسة الأميركية الخارجية وصفها لاحقاً بأنها "حروب إبادة جماعية إمبريالية".

ووفقًا لوثائق قضائية، قال رودريغيز للمحققين إن ما دفعه لتنفيذ الجريمة هو تأثره بطيار أميركي كان قد أشعل النار في نفسه العام الماضي أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن احتجاجًا على الحرب في غزة، واصفًا إياه بـ"الشهيد".

◀️ لكن القصة لا تنتهي هنا.

رسالة إلكترونية، يُعتقد أنها نُشرت على حساب مرتبط برودريغيز على منصة X (تويتر سابقًا)، ظهرت بعد وقت قصير من الجريمة، حملت توقيعه ودعت إلى "ردٍ مسلّح على جرائم الاحتلال في غزة"، معتبرة هذا النوع من العنف "الرد العقلاني الوحيد"، في ظل "التخاذل الغربي".

الحساب الذي يحمل اسم @kyotoleather كان معروفًا بكتاباته الحادة، ودعواته السابقة إلى القضاء على إسرائيل بوصفها "مستعمرة يجب إنهاؤها". وقد احتوى على منشورات وصفت العمل المسلح بأنه "ليس بالضرورة عسكريًا بل فعلٌ احتجاجي له طابع استعراضي".

رودريغيز، الذي كان يعمل إداريًا في الجمعية الأميركية لمعلومات طب العظام في شيكاغو، ظهر في احتجاجات متعددة منذ عام 2017، بما في ذلك أمام منزل عمدة المدينة ومقر شركة أمازون. في تصريحات نُشرت له حينها، هاجم "تبييض أمازون لمدينة سياتل"، واعتبر وجود الشركة تهديدًا للأقليات.

"كان هادئًا، ودودًا... لم أظن قط أنه قادر على شيء كهذا"، قال أحد جيرانه في شيكاغو، متحسرًا على عدم خوض أي حديث سياسي معه، قبل أن يضيف: "الحرب لا تُنهى بالرصاص، بل بالشرح والصبر والصناديق الانتخابية".

قضية رودريغيز تُعيد فتح ملف دقيق: كيف يتحوّل ناشط سياسي إلى منفّذ جريمة؟ وما الخط الفاصل بين الاحتجاج والتطرّف؟

التحقيقات مستمرة، والجريمة ما تزال تُثير عاصفة من التساؤلات حول الدوافع، وتضرب على وتر مشحون أصلًا في الشارع الأميركي... بين غزة وواشنطن.