الأربعاء 30 أبريل 2025
thumbs_b_c_027d7287f41144e7de253d24003fb080

من السجن تعبيرية

محمد فال معاوية

قانون “قيصر” أو “قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا” سُمِّي بهذا الاسم نسبة إلى شخص عُرف بلقب “قيصر”، وهو اسم مستعار لمصور عسكري سوري سابق.

انشق “قيصر” عن نظام الأسد عام 2014، وسرّب 55 ألف صورة لـ 11 ألف سجين قُتلوا أثناء عمليات تعذيب، وكان يتعاون مع شخص آخر عُرف باسم حركي، “سامي”، واستخدم المصور اسم “قيصر” لإخفاء هويته الحقيقية، وعُرضت صوره في قاعات مجلس الشيوخ الأميركي، وأثارت ردود فعل عالمية غاضبة في ذلك الوقت.

هل يدخل بشار الأسد السجن؟

قال السفير الأميركي السابق لجرائم الحرب والعدالة الدولية ستيفن راب، إن الصور التي كشف عنها “قيصر” في معتقلات نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ستؤدي “دورا محوريا” في تحقيق العدالة، بعدما وثقت معتقلين بجماجم مهشّمة وعيون مفقوءة.

جاء ذلك في مقابلة أجرتها الأناضول مع راب الذي شغل منصبه السابق بين عامي 2009 و2015، والتقى “قيصر”، فيما كشفت صور ومقاطع فيديو وحشية النظام السوري المنهار في معاملته المعتقلين، بعد سقوطه ووصول الفصائل السورية إلى معظم السجون وتوثيقها تلك الجرائم.

لقاء مع قيصر

وقال السفير الأميركي السابق إنه التقى بقيصر قبل عام تقريبا، واعتبر دوره “محوريا في توثيق جرائم نظام الأسد داخل السجون”.

وأعرب عن ارتياحه “لأن قيصر في مكان آمن هو وأسرته التي تمكنت أيضا من مغادرة سوريا”.

وأضاف راب، أن “قيصر يظل شاهدا مؤثرا للغاية، لكنه لا يزال يخشى بعض الأمور، ما يفسر أهمية الحفاظ على سرية هويته وموقعه حاليا، إذ لم يكن شخصية سياسية، بل كان عضوا في الشرطة العسكرية، وهو ما يظهر من خلال الصور التي التقطها”.

وأكد أن قيصر “كان يعمل ضمن هذا السلك قبل اندلاع الثورة في سوريا، لكن الوضع تغيّر بشكل جذري عندما بدأ يشاهد جثث المعتقلين الذين لقوا حتفهم تحت التعذيب ونقلوا إلى المستشفيات”.

وبشأن توثيق الانتهاكات، قال راب: “تلقى قيصر مقترحات بتوثيق جميع الجثث القادمة من السجون عبر تصويرها، ولكنه لم يُكلف بتحديد هوياتها، إذ كان النظام قد طور نظاما لترقيم الجثث القادمة من السجون، ما يجعل من الصعب معرفة أسماء أصحابها”.

وشرح راب أسلوب العمل الذي اتبعه قيصر وفريقه في توثيق الجثث، قائلًا: “في بعض الأحيان كانت الجثث تُترك في كل مكان، وكان الفريق يلتقط صورا من عدة زوايا بهدف تسجيل كل تفاصيل الإصابات”.

وأوضح أن “قيصر شارك حوالي 55 ألف صورة كدليل على الجرائم التي ارتكبها النظام، بتشجيع من صديقه الذي كان يُعرف بلقب سامي”.

العدالة قادمة

وأضاف راب أن “الخطوات المتعلقة بسوريا واجهت اعتراضًا من قبل روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي، رغم أن المؤسسات في الولايات المتحدة وأوروبا أكدت صحة صور قيصر الأصلية”.

وقال راب، إن “مواقع الصور تم التحقق منها، وهي تمثل أدلة هامة”، مشيرًا إلى وجود صعوبات حاليا في محاكمة المسؤولين، “لكن، طال الزمان أم قصر، سيأتي اليوم الذي يتم فيه محاسبة المسؤولين عن جرائم التعذيب”.

وفي هذا السياق، طالب بـ”أن تكون العملية القضائية ضد بشار الأسد والمسؤولين في النظام السابق في سوريا شفافة”، معربًا عن أمله “في أن تعطي الإدارة المؤقتة في سوريا الأولوية لقضية تحقيق العدالة”.

وفي ختام حديثه، أعرب راب عن تفاؤله “بإماطة اللثام عن السجلات المتعلقة بالقتلى والناجين من معتقلات النظام بعد سقوطه، والشعب السوري هو من يقرر مستقبله”.

نهاية حقبة الرعب

وفي 8 ديسمبر الجاري سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وسبقها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكام نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.

ويقول السوريون إن زوال نظام الأسد يمثل نهاية حقبة من الرعب الذي عايشوه على مدار عقود، إذ شكلت سجونه كوابيس لهم جراء عمليات التعذيب الممنهج، والتنكيل، والإخفاء القسري.