
عودة السوريين من تركيا
عواصم – (vallmedia)
بينما سادت الحماسة في أوساط السوريين للعودة إلى بلادهم بعد الإطاحة ببشار الأسد، بدأت الأعمال التجارية المعتمدة عليهم في تركيا باحتساب الخسائر التي قد تترتب على ذلك.
يقول علي غوزجه، الذي يدير شركة “إيه إل جي تكستيل” في غازي عنتاب حيث يقطن نصف مليون سوري: “قدم السوريون مساهمات كبيرة في قطاع النسيج هنا.. إذا غادروا، فستكون هناك مشكلة عمالة خطيرة”.
وأضاف: “لا نتوقع أن يغادروا فجأة، لكن إذا حصل ذلك، فقد نعاني من نقص خطير في العمالة”، موضحًا أن 70% من العاملين لديه هم من السوريين، ما يدعم القلق الواسع الذي يراود قطاع النسيج التركي، وفق وكالة “فرانس برس”.
وقال يوسف قنديل، المسؤول عن مراقبة الجودة لدى “بيني جيي” للملابس: “جميع العاملين هنا سوريون، نحن في منطقة أونال حيث يوجد عدد كبير من شركات النسيج”.
وأضاف قنديل: “إذا غادر السوريون، فستزداد تكاليف العمالة بشكل كبير ومن ثم تكاليف الإنتاج”.
وتعد تركيا سادس أكبر مصنّع في العالم للنسيج وتعتمد في صناعتها على المناطق الجنوبية التي تستضيف معظم اللاجئين السوريين البالغ عددهم حوالى 2.9 مليون في تركيا.
تظهر الأرقام الحكومية بأن حوالى 100 ألف سوري يملكون تراخيص عمل، لكن خبراء يعتقدون بأن نحو مليون سوري ينشطون في الاقتصاد التركي، معظمهم بشكل غير رسمي، في مجالات مثل البناء والصناعة والنسيج، ومن شأن مغادرتهم أن تحدث ثغرة كبيرة في القوة العاملة في قطاع يعاني من ضغوط التضخم وارتفاع التكاليف.
وحتى الآن، عاد أكثر بقليل من 81 ألف شخص، بحسب بيانات وزارة الداخلية، رغم أن مراقبين يتوقعون ازدياد هذا العدد في يونيو المقبل مع عطلة عيد الأضحى.
وعلى أرضية مصنع “إيه إل جي”، يجلس عشرات الشباب من رجال ونساء منحنين فوق ماكينات الخياطة الصناعية حيث ينتجون آلاف القمصان.
الاستثمار في سوريا
ويقول زكريا بوظو، وهو عامل يبلغ من العمر 55 عامًا يرغب بالعودة إلى سوريا “لبدء عمل تجاري جديد هناك”: “إذا غادر السوريون، فلن يعود هناك أي شخص ليعمل” في “إيه إل جي”.
لكن الخبراء يشيرون إلى أن المشهد معقد بالنسبة للسوريين، إذ لا أساس للمخاوف من مغادرة جماعية بسبب عدم اتضاح الأمور في البلاد بعد حرب استمرت 13 عامًا.
وأسس معظم السوريون حياة جديدة في تركيا حيث تم تسجيل أكثر من 970 ألف مولود خلال السنوات الـ12 الماضية.
ورغم ضبابية الوضع، يبحث “غوزجه” عن طرق جديدة لأقلمة العمل مع عودة بعض السوريين، الذين ينحدر حوالى نصفهم من منطقة حلب الواقعة عبر الحدود مقابل غازي عنتاب.
وقال: “أصبحنا مقرّبين جدا من عمالنا السوريين”، مضيفًا أنه إذا اضطر الأمر “فسنفتح ورشًا في سوريا لهم وسنواصل إنتاجنا هناك”.
منطقة “شام غن” للتجارة الحرة
ورغم الدمار الذي حل في معظم مناطق سوريا، يقول خبير الهجرة لدى “معهد بروكينغز” في واشنطن كمال كيريتشي، إن هناك إمكانية لتنمية علاقات تجارية في المستقبل.
وأوضح أن “سوريا مكان واعد جدًا على الأمد البعيد.. في الأحوال المثالية، يمكن أن تكون لدينا حدود اقتصادية مفتوحة إلى حد كبير ليكون بإمكان الناس التنقل بين البلدين”، بحسب العربية.
وأوضح أن من شأن ذلك أن يصب في مصلحة “الصناعات التركية والاقتصاد وسوريا ونظامها الجديد”.
ويمكن في نهاية المطاف إعادة إحياء فكرة ما تعرف بمنطقة “شام غن” للتجارة الحرة والتنقل دون تأشيرات بين سوريا والأردن ولبنان وتركيا، وهي مستوحاة من منطقة “شنغن” في الاتحاد الأوروبي لكنها انهارت مع اندلاع الحرب عام 2011.