image

ترامب ومحمد بن سلمان - أرشيفية

(اليوم ميديا)

تتسابق ثلاث دول خليجية عربية غنية بالطاقة لتحويل نفوذها على الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى مكاسب ملموسة، مع زيارة الرئيس المقررة الأسبوع المقبل.

ومع الزيارة المرتقبة لترامب إلى دول الخليج، سينصب التركيز الأساسي على تأمين استثمارات جديدة كبيرة للاقتصاد الأميركي.

وتقول الخبيرة الاقتصادية كارين يونغ، الزميلة في معهد الشرق الأوسط للدراسات: “يريد الرئيس ترامب الإعلان عن تدفق المزيد من الأموال الخليجية للولايات المتحدة”.

وتضيف: “يريد ترامب تعليق ملصق كبير خلال الاجتماعات التي سيعقدها، ليُوضِح من خلاله الوجهة المحتملة لهذه الاستثمارات، وتقدير تأثيرها على الاقتصاد الأمريكي من حيث قدرتها على خلق فرص العمل، أو التصنيع المحلي الذي يدعمه بشكل كبير”، وفق ما نقلته شبكة بي بي سي الإخبارية.

ومن المقرر أن يصل ترامب إلى العاصمة السعودية، الرياض، يوم الثلاثاء 13 مايو الجاري، للقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ومن المتوقع أن يحضر ترامب قمة زعماء الخليج في الرياض في 14 مايو، قبل أن يسافر إلى قطر في اليوم نفسه، ثم ينهي رحلته التي ستستمر ثلاثة أيام في الإمارات، في 15 مايو.

وتتجلى الأهمية الاقتصادية للمنطقة بالنسبة لترامب، في أن زيارته إلى السعودية كانت من المفترض أن تكون أول زيارة خارجية له خلال ولايته الثانية في البيت الأبيض، وذلك قبل أن تُجبره وفاة البابا فرنسيس على حضور الجنازة في روما أواخر أبريل الماضي.

السعودية أول يزورها ترامب خلال فترة ولايته الأولى

المملكة العربية السعودية كانت كذلك أول دولة يزورها ترامب خلال فترة ولايته الأولى، مخالفاً بذلك العُرف المستحدث لدى رؤساء الولايات المتحدة، الذين بدأت زياراتهم بالمملكة المتحدة أو كندا أو المكسيك.

إن تأمين استثمارات جديدة في الولايات المتحدة من دول الخليج، وخاصة من صناديق الثروة السيادية المدعومة من حكوماتها، من شأنه أن يساعد ترامب في توجيه رسائل إلى الداخل الأميركي بأن أجندته المتمثلة في شعار "أمريكا أولاً" تؤتي ثمارها.

استثمار "تريليون دولار" في أميركا

وستجذب الزيارة الرئاسية كبار المستثمرين في وول ستريت ووادي السيليكون إلى السعودية، حيث سيُعقد منتدى استثماري سعودي أميركي في 13 مايو في الرياض، بمشاركة رؤساء تنفيذيين من شركات بلاك روك، وبالانتير، وسيتي غروب، وآي بي إم، وكوالكوم، وألفابت، وفرانكلين تمبلتون.

وتأتي هذه الدفعة في ظل رياح اقتصادية معاكسة، حيث أدت الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها الرئيس ترامب على الواردات إلى إرباك التجارة العالمية، وهزّت الثقة في الاقتصاد الأمريكي نفسه. إذ انخفض الناتج الاقتصادي الأمريكي في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، وهو أول انخفاض له منذ ثلاث سنوات.

وفي يناير الماضي، صرّح الأمير محمد بن سلمان بأن السعودية ستستثمر 600 مليار دولار في الولايات المتحدة خلال السنوات المقبلة. إلا أن ترامب سبق وأن صرّح بأنه يرغب في أن يرتفع هذا المبلغ إلى تريليون دولار، بما يشمل شراء المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية.

ويقول علي الشهابي، وهو كاتب ومعلق سعودي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكومة السعودية، إنه من المقرر أن يتم توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية خلال زيارة ترامب.

ويضيف الشهابي: "ستؤدي هذه الصفقات إلى مزيد من التكامل بين الاقتصادين السعودي والأمريكي، ومزيد من المشاريع المشتركة في السعودية والولايات المتحدة، وشراء أسلحة وسلع أمريكية".

ولدى صندوق الاستثمارات العامة السعودي - الذي يسيطر على أصول بقيمة 925 مليار دولار - استثمارات عديدة بالفعل في الولايات المتحدة. وتشمل هذه الاستثمارات شركة "أوبر"، وشركة ألعاب الفيديو "إلكترونيك آرتس"، وشركة السيارات الكهربائية "لوسيد".

قطاعات الذكاء الاصطناعي

أما الإمارات، فقد التزمت مسبقاً باستثمار 1.4 تريليون دولار أمريكي في الولايات المتحدة على مدى السنوات العشر المقبلة، في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات، والطاقة، والتصنيع. وقد أعلن البيت الأبيض عن ذلك في مارس/آذار الماضي بعد لقاء جمع مستشار الأمن الوطني الإماراتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بالرئيس ترامب في واشنطن.

مع ذلك، ترى يونغ من معهد الشرق الأوسط للدراسات، أن حجم هذه الاستثمارات غير واقعي على المدى القصير. لكنها خطوات استراتيجية طويلة الأجل، مشيرة إلى ضرورة التعامل مع هذه الأرقام "بحذر ورَوِيّة".

وفيما يتعلق بالصفقات المحددة التي يمكن الإعلان عنها خلال زيارة ترامب، تشير التقارير المتداولة على نطاق واسع إلى أن المملكة العربية السعودية ستوافق على شراء أسلحة أميركية ومعدات عسكرية بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار.

ويُقال إن هذه الأسلحة ستشمل الصواريخ وأنظمة الرادار وطائرات النقل.

ولطالما كانت الولايات المتحدة بمثابة مورّد أساسي للأسلحة إلى السعودية، لكن في عام 2021، أوقفت إدارة بايدن بيع الأسلحة الهجومية للرياض، على خلفية مخاوف بشأن دورها في الحرب باليمن.

ويقول الشهابي إن المملكة السعودية ستسعى للحصول على ضمانات من البيت الأبيض بأن الولايات المتحدة ستقيم "نظام مشتريات أكثر كفاءة"، ما يمكّن الدولة الخليجية من الوصول إلى الذخيرة والمعدات العسكرية بسرعة وسهولة أكبر.

ويضيف الشهابي أن "إدارة ترامب بدأت إجراءات لتسهيل هذه الصفقات"، متوقعاً أن "تتحسن هذه العملية بشكل فوري".

وسيكون الذكاء الاصطناعي الموضوع الآخر الذي سيهيمن على جدول أعمال زيارة ترامب. ومن المتوقع أن تركز المحادثات على جذب استثمارات خليجية أكبر في شركات التكنولوجيا الأميركية، وتعزيز قدرة المنطقة على الوصول إلى أشباه الموصلات الأمريكية المتطورة.

وتستثمر كلٌّ من الإمارات والسعودية بمليارات الدولارات في قطاعي التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في محاولة لتنويع اقتصاداتهما بعيداً عن النفط.

ويتطلع الإماراتيون، على وجه الخصوص، إلى ترسيخ مكانتهم كمحور عالمي للذكاء الاصطناعي.

وفي الأسبوع الماضي، ألغت إدارة ترامب اللوائح التي وضعتها إدارة بايدن بشأن قطاع الرقائق، والتي فرضت قيوداً على صادرات الرقائق الأمريكية المتطورة إلى أكثر من 120 دولة، بما في ذلك دول الخليج.

ومن المتوقع أن يقوم البيت الأبيض بصياغة قواعد جديدة من شأنها أن تتضمن مفاوضات مباشرة مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة.