لقطة الشاشة 1446-05-27 في 7.08.02 ص

من القاهرة - (مواقع التواصل)

(اليوم ميديا)

لم تكن إنجي ناصر، الطالبة الجامعية، تتوقع أن تُجبر على مغادرة شقتها الصغيرة بشارع فيصل بهذه السرعة، فقد كانت تقيم هناك مع اثنتين من صديقاتها، مقابل 3500 جنيه شهريًا، موزعة بينهن بما يتناسب مع ميزانيتهن المحدودة كطالبات. لكن صدمة كبرى كانت بانتظارهن نهاية الشهر، حين أبلغتهن مالكة العقار أنها قررت تأجير الشقة لسوداني مقابل 10 آلاف جنيه – ما يقارب ثلاثة أضعاف القيمة التي كنّ يدفعنها.

وتقول ناصر: إن المالكة كانت واضحة: “السعر الجديد لا يمكن رفضه”. وبدأت الصديقات الثلاث رحلة البحث عن بديل في محيط فيصل والهرم، لكن دون جدوى؛ فالعرض المحدود وارتفاع الأسعار دفعهن إلى الانتقال إلى أحياء أخرى أقل طلبًا، مثل مناطق مصر القديمة، حيث لا يزال الوجود السوداني محدودًا، والأسعار أقل نسبيًا.

هذه ليست حالة فردية، فمنذ اندلاع الصراع في السودان في أبريل 2023، نزح نحو 1.2 مليون سوداني إلى مصر، وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، مما رفع عدد السودانيين المقيمين في البلاد إلى أكثر من 4 ملايين شخص، بحسب بيانات المنظمة الدولية للهجرة.

هذا التدفق الكبير أدى إلى تحولات سريعة في سوق الإيجارات، خاصة في المناطق الشعبية والمراكز الحضرية التي تمثل نقاط جذب لذوي الدخل المتوسط والمحدود، بحسب علاء الشيخ، رئيس مجلس إدارة شركة أسيت تاب للتسويق العقاري.

وقال الشيخ في تصريحات لموقع العربية: إنه من المعتاد أن يطلب الملاك أسعارًا مبالغًا فيها مستغلين الطلب المتزايد من الوافدين السودانيين، خاصة في أحياء مثل فيصل، الهرم، حدائق الأهرام، وعين شمس، و6 أكتوبر والشيخ زايد.

ومع عودة أكثر من 122 ألف سوداني إلى بلادهم منذ بداية عام 2025، نتيجة لتحسن الأوضاع الأمنية في الخرطوم، بحسب المنظمة الدولية للهجرة، بدأ الطلب على الإيجارات في بعض المناطق يشهد تراجعًا. ويأتي هذا الانخفاض في الطلب في وقت تشير فيه بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلى وجود نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، تمثل حوالي 29% من إجمالي الوحدات السكنية، وهو ما يعكس حجم الفجوة بين العرض والطلب في السوق العقاري.

هذه الوحدات المغلقة تتوزع بين مساكن لملاك يمتلكون عقارات أخرى أو بسبب السفر أو عدم استكمال التشطيب، مما يخلق فرصة لإعادة ضخ هذه الوحدات في سوق الإيجارات، وبالتالي يمكن أن يساهم في استقرار الأسعار أو حتى تراجعها في حال تم تفعيل هذه الوحدات بشكل أكبر.

انخفاض تجاوز 50% في بعض المناطق

قال خالد القيسي، سمسار سوداني يعمل في مناطق فيصل والهرم، إن أسعار الإيجارات ارتفعت بشكل غير مسبوق مع تدفق السودانيين بعد الحرب، إلى أن وصلت ما بين 7 و9 آلاف جنيه شهريًا للشقق الخالية من الأثاث، بينما تجاوزت إيجارات الشقق المفروشة حاجز 60 ألف جنيه، ولكن الأسعار بدأت بالتراجع تدريجيًا منذ بداية العام الجاري، لتصل إلى 2000 و3000 جنيه للوحدات غير المفروشة، وأقل من 50 ألفًا للمفروشة.

وأكد القيسي أن تأجير العقارات أصبح أكثر سهولة وتنوعًا في الخيارات مقارنة بالفترة الماضية، وذلك بعد انحسار الكثافة السكانية التي شكلها السودانيون سابقًا في هذه المناطق.

أما في أكتوبر وزايد، أشار الشيخ إلى أن الأسعار لم تبدأ بالتراجع إلا مؤخرًا، بعد خروج أعداد كبيرة من السودانيين الذين كانوا يفضلون الإيجار على التمليك، خلافًا لجنسيات أخرى مثل اليمنيين.