
تعبيرية
اليوم ميديا – (ربيع يحيى)
دشّنت العاصمة الإماراتية أبوظبي مجمع الذكاء الاصطناعي، الذي لفت أنظار الصحافة الغربية، ووصِف بأنه خطوة استراتيجية نحو الريادة الرقمية، وخاصة أن المُجمّع هو الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة الأميركية.
المجمع (بسعة قدرها 5 غيغاوات) يجمع بين بنية تحتية ذكية وأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في تعلم الآلة، البيانات الضخمة، والروبوتات.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد أعلنا، الخميس الماضي، من قصر الوطن في أبوظبي، تدشين المُجمّع، ضمن اتفاقية تتضمن التزامًا إمارتيًا بالاستثمار في مراكز بيانات أمريكية، مع الالتزام بتعزيز التوافق مع معايير الأمن القومي الأمريكي، وتطبيق إجراءات حماية قوية ضد النقل غير المصرح به للتقنيات الأمريكية.
وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، وصف الاتفاقية بأنها علامة فارقة في تحقيق رؤية الرئيس ترامب لهيمنة الولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي. وذكر الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، نائب حاكم إمارة أبو ظبي أن الاتفاقية تعزز مكانة الإمارات العربية المتحدة كمركز للأبحاث المتطورة والتنمية المستدامة.
خدمة نصف سكان العالم
وكشفت صحيفة Financial Timesعزم شركة الذكاء الاصطناعي OpenAI الانضمام إلى المشروع العملاق، والذي يعزز طموح دولة الإمارات لتصبح مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي، وتنويع اقتصادها.
ويستهدف انضمام عملاق الذكاء الاصطناعي OpenAI إلى المشروع، وضع الذكاء الاصطناعي ذي القيم “الديمقراطية” في أيدي شركاء الولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم تجنب اضطرارهم لاستخدام البدائل الصينية.
المُجمّع الإماراتي الأمريكي الذي تباشر بناؤه شركة الذكاء الاصطناعي الإماراتية G42، ربما يحد من القيود التي فرضتها الولايات المتحدة أمام عشرات الدول بشأن الرقائق الإلكترونية، مثل تلك التي تصنعها شركة Nvidia؛ إذ تمتلك الولايات المتحدة مخاوف من وصول تلك الرقائق إلى الصين.
وسيحتضن المُجمّع شركات أميركية قادرة على الاستفادة من الإمكانات لتوفير خدمات الحوسبة الإقليمية، كما يوفر سعة قدرها 5 غيغاوات لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي في أبو ظبي، مما يخلق منصة إقليمية، ستُمكن الشركات الأميركية العملاقة من تقديم خدمات سريعة لما يقرب من نصف سكان العالم.
تخفيف القيود
الصحيفة نبَّهت إلى أن القيود التي كانت واشنطن تفرضها على صادرات الرقائق أدّت بدورها إلى تباطؤ تدفق التكنولوجيا المتقدمة، وأخرت طموحات العديد من الدول في مجال الذكاء الاصطناعي، في وقت سعت فيه أبو ظبي لتصبح أول حكومة محلية للذكاء الاصطناعي.
ورأت الصحيفة أن ما يبدو الآن هو أن إدارة ترامب تخفف من تلك القيود، بعد أن ألغت رسميًا نظام الترخيص الذي يعود إلى عهد بايدن، قبل وقت قصير من دخوله حيز التنفيذ هذا الأسبوع، والذي كان سيضع حدًا أقصى لعدد الرقائق التي يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة وغيرها استيرادها.
ضوابط صارمة
ووفق تقرير موقع (embedded) الأمريكي، صُمِّم المُجمّع الإماراتي-الأمريكي الذي يمتد على مساحة 10 أميال مربعة، على أساس مراعاة الاستدامة، وسيدمج بين مصادر الطاقة النووية والشمسية والغاز الطبيعي لتقليل انبعاثات الكربون. وبالإضافة إلى البنية التحتية للبيانات، سيشمل المشروع حديقة علمية تهدف إلى تعزيز التقدم في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي.
وأضاف إن دولة الإمارات ستفرض ضوابط صارمة لمنع إساءة استخدام أو تحويل أنظمة الذكاء الاصطناعي الحساسة، فيما قد تحصل الإمارات على تصريح لشراء ما يصل إلى 500,000 رقاقة ذكاء اصطناعي متطورة سنويًا، خاصة بشركة Nvidia، الأمر الذي يرى الموقع أنه يعزز دور دولة الإمارات كقوة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي.
ثقة أميركية
صحيفة The Guardian البريطانية رأت أن الاتفاقية الخاصة بمُجمَّع الذكاء الاصطناعي الإمارتي-الأمريكي تعد مكسبًا كبيرًا للإمارات العربية المتحدة، التي تسعى جاهدةً لموازنة علاقاتها مع حليفتها الولايات المتحدة، وشريكها التجاري الأكبر، الصين.
وأشارت إلى أن أبو ظبي أنفقت مليارات الدولارات لكي لتصبح لاعبًا عالميًا في مجال الذكاء الاصطناعي، وكانت الإشكالية التي تواجهها هي القيود التي وضعتها إدارة جو بايدن السابقة على وصولها إلى الرقائق الأمريكية، مثل عشرات الدول الأخرى، بما في ذلك الأوروبية.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الاتفاق في حد ذاته يعكس ثقة إدارة ترامب في إمكانية إدارة الرقائق بأمان في دولة الإمارات، وقدرتها على منع تسرب هذه التكنولوجيا إلى جهات أخرى، بينها وبين الولايات المتحدة منافسة كبيرة في هذه التكنولوجيا الحديثة.
وذهبت إلى أن كبار الرؤساء التنفيذيين لشركات الذكاء الاصطناعي والرقائق، مثل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، وجين سون هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة Nvidia، يدعمان مثل هذه الصفقة، مُقدّرة أنها سترفع منتجاتهم إلى مستوى عالمي أكبر، وستحقق للشركتين أرباحًا هائلة.