image

من تل أبيب

✍️ ربيع يحيى – (اليوم ميديا)

في الوقت الذي تُعلق فيه آمال كبرى على ثورة الذكاء الاصطناعي (AI) لدفع الاقتصاد العالمي نحو آفاق غير مسبوقة، تتسلل مخاوف عميقة إلى قلب صناعة التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، والتي تشكل العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي الحديث. فبينما يُنتظر من هذه الثورة أن تُعزز القدرات، ثمة من يرى أنها قد تزلزل أسس تفوق تكنولوجي بني على مدار عقود.

🧠 الذكاء الاصطناعي.. أداة تمكين أم نهاية الريادة؟

قناة “الأخبار 12” العبرية طرحت تساؤلًا صادمًا في تقرير موسع: هل تفقد إسرائيل تفوقها التكنولوجي بسبب اتساع رقعة الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي؟ فهذه الأدوات، التي باتت بمتناول الجميع، تُزيل الحواجز بين ما كان حكرًا على خبراء البرمجة والشركات العملاقة، وبين ما يمكن أن يصنعه أي شاب لديه فكرة طموحة وجهاز كمبيوتر.

فالمحتوى الذي كان يتطلب فرقًا ضخمة وأشهرًا من العمل، يُنتج اليوم خلال دقائق. هذا التحول يهدد تقليدًا عريقًا في إسرائيل، التي كانت تعرف بسوق عملها المليء بالخبرات والكوادر عالية التدريب في مجال التكنولوجيا.

💼 تساؤلات المستثمرين.. هل لا يزال رأس المال حاسمًا؟

النقاش وصل إلى صناديق رأس المال الاستثماري التي موّلت آلاف الشركات الناشئة الإسرائيلية في العقدين الأخيرين. غاي كاتزوفيتش، مؤسس صندوق “فيوجن” (Fusion)، عبّر عن قلقه قائلاً: “إذا كان فريق صغير بإمكانه إنتاج منتج وتسويقه بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي، فهل نحن بحاجة بعد الآن إلى رؤوس أموال ضخمة؟”.

الواقع الجديد يشير إلى أن الجهل بمجال الذكاء الاصطناعي لم يعد مقبولًا لأي رائد أعمال. فهذه الأدوات لم تعد ترفًا بل شرطًا أساسيًا للبقاء في سوق يتحرك بسرعة الضوء.

🚫 تسريح الكفاءات.. من التفوق إلى القلق!

أحد أكثر التحديات صدمة هو ما أشار إليه التقرير حول مستقبل الكفاءات الإسرائيلية. فمع اختفاء الحاجة لفرق تطوير كبيرة، يخشى كثيرون من تسريح واسع النطاق لمبرمجين ومهندسين كانوا في قلب الصناعات التكنولوجية.

وبينما يدعو التاريخ إلى بعض التفاؤل، حيث غالبًا ما فتحت التقنيات الجديدة آفاقًا مهنية لم تكن موجودة، يرى مراقبون أن سرعة تطور الذكاء الاصطناعي هذه المرة قد لا تمنح السوق الوقت الكافي لاستيعاب التغييرات.

🇮🇱 هل تفقد إسرائيل “امتياز الريادة”؟

لطالما قدمت إسرائيل نفسها كـ”أمة الشركات الناشئة”، محققة قفزات هائلة في قطاع التكنولوجيا، حيث تُشكل صادرات التكنولوجيا الفائقة نحو نصف الناتج المحلي. ولكن يبدو أن الريادة التقليدية لم تعد كافية.

تقول القناة العبرية إن اللحظة الراهنة تتطلب تحولًا جذريًا: من دولة رائدة في التكنولوجيا الفائقة، إلى دولة متكيفة مع ثورة الذكاء الاصطناعي. فإما أن تتصدر إسرائيل هذا المجال الجديد، أو تتخلف عنه لصالح منافسين عالميين أقل تكلفة وأسرع تنفيذًا.

📌 إن ثورة الذكاء الاصطناعي لا تهدد الوظائف فقط، بل تهدد مفهوم الريادة ذاته. في إسرائيل، يبدو أن التحدي الأكبر ليس الابتكار، بل التكيّف مع واقع لا يعترف إلا بمن يسبق عصره.