هل تحلم الآلة بالريشة؟

علي عبد الرحمن (القاهرة)

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد برمجية صمّاء تنفذ أوامر جامدة، بل تحوّل إلى شريكٍ فعليّ في العملية الإبداعية، يزاحم الإنسان في ميادين كانت يومًا حكرًا على العاطفة والحدس. من النصوص إلى الموسيقى، ومن الرسم إلى السينما، باتت الخوارزميات اليوم تكتب وتلحّن وتبتكر… لكن السؤال يظل حيًّا: هل ما تنتجه الآلة فنّ نابض بالحياة، أم مجرد محاكاة أنيقة لذكرياتنا الجماعية؟

من خلال أدوات مثل DALL·E وMidjourney، يُعاد تصور الفن الرقمي بصيغ جريئة، حيث تخرج لوحات ناطقة من تعليمات نصية، بعضها يباع بآلاف الدولارات، كما حدث مع “العشاء الأخير للأفكار المنسية”. وعلى الضفة الأخرى، تؤلف برامج مثل AIVA مقطوعات موسيقية شاركت في مهرجانات عالمية… لكن هل تستطيع أن تحزن؟ أن تفرح؟ أن تشهق بنغمة واحدة تُولد من ألم بشري دفين؟

حتى الشعر والرواية دخلهما الذكاء الاصطناعي، عبر نماذج لغوية عملاقة كـChatGPT وSudowrite، والتي باتت قادرة على نسج سرديات تحاكي الكلاسيكيات الأدبية. لكن كما تقول الشاعرة الفلسطينية ديمة خليل: “ما تُتقنه الآلة لغة، تفتقده روحًا.”

وفي حديثهن لـ”اليوم ميديا”، ترى مجموعة من الفنانات التشكيليات الإماراتيات أن الذكاء الاصطناعي ليس تهديدًا، بل أداة توسّع من قدرات الفنان، وتمنحه ألوانًا جديدة للرؤية، مشبّهات إياه بتطور صبغات الألوان التي كان يستخرجها الفنانون قديمًا من التوت والفحم.

في مشروع فني جريء، استُخدمت خوارزميات GANs لإعادة تخيّل ملصقات أفلام عربية كلاسيكية، حيث يلتقي عمر الشريف بظلال مستقبلية، وتتحوّل فاتن حمامة إلى أيقونة رقمية، في لوحة واحدة تُلخّص التاريخ والخيال والتقنية.

هكذا، يقف الفن الحديث على مفترق طرق: إما أن يستثمر الآلة لتوسيع حدوده، أو أن يفقد روحه في زحمة الخوارزميات. وفي كل الحالات، لم يعد السؤال عن قدرة الذكاء الاصطناعي على “الإبداع”، بل عن دور الإنسان في ترويض هذه القدرة وتوجيهها نحو ما يُشبهنا حقًا.

زر الذهاب إلى الأعلى