image

من اجتماع لجامعة الدول العربية - أرشيفية

لندن – متابعة اليوم ميديا

تشهد الساحة العربية حراكًا غير مسبوق خلف الكواليس، عنوانه: من يخلف أحمد أبو الغيط في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية؟ تتصدر كل من الرياض وأبوظبي المشهد في سباق دبلوماسي رفيع لكنه محتدم، يكشف عن تحوّل في موازين القوة ومركز القرار داخل النظام العربي.

سباق ناعم عبر “إكس”

خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، رصدت متابعة “اليوم ميديا” على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) حملة إعلامية واسعة بين مؤيدي ترشيح سعودي وآخر إماراتي، تعكس تجاذبًا افتراضيًا حول شخصية الأمين العام المقبل، وموقع الأمانة العامة، وتوقيت التغيير في هذه المؤسسة التي تشكّل القلب الرمزي للعمل العربي المشترك.

الخليج.. مركز القرار العربي الجديد؟

وفقًا لمحللين غربيين تحدثوا لموقع “اليوم ميديا”، فإن نقل مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية إلى الخليج لم يعد مجرد مقترح رمزي، بل خطوة تعكس واقعًا جيوسياسيًا جديدًا يتمثل في تمركز القرار العربي الفعلي في الرياض وأبوظبي، أكثر من أي عاصمة عربية أخرى.

فالخليج، وفق هؤلاء المحللين، بات يملك مفاتيح التأثير الحقيقي، سواء عبر القوة الاقتصادية والمالية، أو من خلال الحضور الفاعل في ملفات الطاقة، وأمن الملاحة، وعلاقاته الاستراتيجية المتقدمة مع كل من واشنطن وبكين.

ويعتبرون أن هذا التحول، الذي تسارعت وتيرته منذ زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض عام 2017، لم يكن لحظيًا، بل كان بداية لمرحلة جديدة من تثبيت الخليج كرقم صعب في معادلة النظام العربي والإقليمي.

الرياض تدخل بثقلها الكامل

وفقًا لمحللين تحدثوا لموقع “اليوم ميديا”، تُعد السعودية مركز ثقل عربي وإسلامي وعالمي لا يمكن تجاهله، ونقل الأمانة العامة إلى الرياض سيمثل دفعة نوعية للمؤسسة في تعاطيها مع الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها الدول العربية.

من العاصمة السعودية الرياض

ويُشير هؤلاء إلى حضور القيادة السعودية بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي تصفه الصحف الدولية بـ”القوي والحازم”، وما أبدته الرياض من مبادرات سياسية واقتصادية طموحة أعادتها إلى قلب القرار العربي، بل والدولي.

عادل الجبير.. مرشح الرياض “الحازم”

تروج المنصات السعودية بقوة لاسم الوزير والدبلوماسي المخضرم عادل الجبير، معتبرةً أن الوقت قد حان لينتقل منصب الأمانة العامة إلى الرياض، المدينة التي باتت اليوم من مراكز القرار السياسي والاقتصادي في العالم العربي.

رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف يستقبل الوزير السعودي عادل الجبير في إسلام آباد (أرشيفية)

الجبير يتمتع بخبرة واسعة وبصمة حادة في ملفات إيران، واليمن، وفلسطين، وهو يمثل التيار الحازم والمؤثر في القضايا الكبرى.

أبوظبي وفرص الفوز

يرجح مراقبون لموقع “اليوم ميديا” أن تحظى أبوظبي بفرصة قوية لتولي منصب الأمين العام في حال جرى التوافق على تعديل النظام الأساسي لجامعة الدول العربية، بما يتيح إعادة توزيع مراكز النفوذ داخل المؤسسة.

من العاصمة أبوظبي – غيتي

اقرأ أيضا

هل يقود الخليج الجامعة العربية؟.. مرشح إماراتي يقترب من المنصب!

ويُعتبر هذا التعديل ممهّدًا لتحديث بنية العمل العربي المشترك، ومنح الإمارات موقعًا متقدمًا لقيادة المرحلة المقبلة بفعالية، في ظل أدوارها القوية إقليميًا ودوليًا.

أنور قرقاش.. مرشح أبوظبي “الهادئ”

يُعتبر أنور قرقاش أبرز المرشحين الإماراتيين، وهو دبلوماسي مخضرم يتميز بالهدوء والحنكة في إدارة الملفات الحساسة، بالإضافة إلى شبكة واسعة من العلاقات والتحالفات.

أنور قرقاش يلتقي المبعوث الخاص للحكومة الصينية لشؤون الشرق الأوسط (أرشيفية)

أما المرشحون الآخرون الذين ترد أسماؤهم في بعض التحليلات، فهم أقل حظًا في الفوز، ومن بينهم يوسف العتيبة، السفير الإماراتي في واشنطن المعروف بعلاقاته المتينة في الأوساط الأميركية، وزايد بن راشد الزياني، المرشح البحريني المرتبط بالتحالف الإماراتي-البحريني.

قطر: التوازن قبل الطموح

تحاول قطر، رغم التنافس الخفي مع كل من الرياض وأبوظبي، أن تلعب دور “صانع التوازن” لا “طرف النزاع”، معتمدةً على صيغة توافقية تحافظ على مكانتها في التكتل الخليجي.

من العاصمة القطرية الدوحة

المواقف المغاربية: بين التحفظ والترقب

تثير بعض العواصم المغاربية، لا سيما الجزائر، تساؤلات حول جدوى نقل الأمانة العامة إلى الخليج، مع استمرار وجود تحفظات تقليدية تجاه الهيمنة الخليجية على القرار العربي. في المقابل، تتابع كل من المغرب وموريتانيا وتونس الموقف بحذر، إذ يُعتبر دعم سياسي أوسع شرطًا أساسيًا لأي مرشح خليجي.

مصر.. ماذا عن الدولة المضيفة؟

رغم تراجع دورها، تظل مصر صاحبة النفوذ الأساسي في الجامعة العربية، ولن تتنازل بسهولة عن مكانتها كدولة مضيفة، حسبما أكد محللون لموقع “اليوم ميديا”.

من القاهرة – (مواقع التواصل)

من يحمل الراية؟

ييتجاوز السباق بين الرياض وأبوظبي حدود الشخصيات، فهو صراع على مستقبل القرار العربي وموقعه الجغرافي والرمزي، وسط تنافس محتدم تلعب فيه مصر والجزائر أدوارًا حاسمة في حسم المعركة.

عادل الجبير يمثّل التيار الحازم والمؤثر في الملفات الكبرى، بينما يجسّد أنور قرقاش نهج الدبلوماسية الهادئة والتوازنات الدقيقة.

لكنّ الأهم من الأسماء هو السؤال الأكبر: هل الجامعة العربية مستعدة لولادة جديدة من الخليج، أم أنها ستظل رهينة لماضٍ لم يعد يُقنع أحدًا؟

الجواب لا يزال يُطبخ في الكواليس… لكنّ “تويتر” بدأ يسرّب رائحته، والمواقف تتبلور بصمتٍ خلف الأبواب المغلقة، حيث تُرسم ملامح مرحلة عربية جديدة، قد تُولد من الخليج… أو تُجهض في القاهرة.