
مطار بن غوريون خالٍ من المسافرين من المصدر
في مشهد يعكس هشاشة الأمن ومأساوية اللحظة، وجد ملايين الإسرائيليين أنفسهم فجأة أسرى داخل وطنهم، محرومين من “حق الفرار” من جحيم الصواريخ الباليستية الإيرانية، التي أمطرت سماء المدن من تل أبيب إلى طمرا، فخلّفت رعبًا ودمارًا يُحاكي ما عاشه قطاع غزة لسنوات.
المدهش أن هذا “الحق الطبيعي”، كما وصفه موقع “كالكاليست” الاقتصادي الإسرائيلي، لم تُصادره الحرب، بل سُلب من الناس بقرار رسمي، خططت له الحكومة مسبقًا، ونفذته في صمت. كانت الرسالة واضحة: لا مفر من الجحيم.
خطة “الدرع الجوي”: تهريب الطائرات.. لا الناس
قبل لحظات من الرد الإيراني على الغارات الإسرائيلية، نفذت تل أبيب عملية سرّية بالغة الحساسية تحت اسم “الدرع الجوي”، هدفت إلى إخراج كامل أسطول الطائرات المدنية من البلاد إلى وجهات آمنة لا تطالها الصواريخ، في قبرص، اليونان، تايلاند، ونيويورك.
لكن بينما حلّقت الطائرات إلى برّ الأمان، تُرك الشعب خلفها، محاصرًا بالخوف، بلا وسيلة للمغادرة. مطار بن غوريون الدولي أُخلي بالكامل، ليس فقط من الطائرات، بل من الناس. أكثر من 10 آلاف راكب تم إجلاؤهم قسرًا، دون إنذار مسبق، بينما كانت المقاتلات الإسرائيلية تحلّق نحو طهران.
مصدر مطّلع قال لموقع "غلوبس" الاقتصادي:
“الخطة تطلّبت عملية خداع استراتيجي، إذ لم تُبلّغ حتى شركات الطيران الأجنبية بما يجري. كل شيء تم بسرّية كاملة، على مدى شهور من التحضير.”
حياة رهينة التعليمات
المفارقة المريرة أن من بقي في الداخل لم تُترك له حتى رفاهية الحياد. تقارير "كالكاليست" تشير إلى أن الحكومة تحكمت حتى في هواتف المواطنين، وأمطرتهم يوميًا، وخاصة ليلًا، بسيل من الرسائل التحذيرية المخيفة، بمعدل لا يقل عن 3 إنذارات في كل ليلة.
من "بات يام" إلى "رحوفوت" و"طمرا"، الأمهات العالقات مع أبنائهن لا يجدن سبيلًا للفرار، حتى لو أردن حجز تذكرة إلى باريس أو برلين. السماء مغلقة، والمنافذ محاصَرة، والفرار أصبح ترفًا لا يملكه أحد.
ازدواجية المصير
ولعلّ الأشد إيلامًا، هو مصير آلاف الإسرائيليين المقيمين في الخارج، من مهاجري كندا وأوروبا، ممن كانوا يخططون للعودة إلى وطنهم في الصيف. الآن، هم عالقون خارج البلاد، ليس فقط بسبب إغلاق المجال الجوي، بل لأن الحكومة قررت ببساطة أن من حق الطائرات النجاة.. لا البشر.
إعداد: ربيع يحيى | لندن – اليوم ميديا | ترجمة خاصة