image

من وول ستريت - (CNN)

في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية بين الغرب وإيران، تتزايد المخاوف من تحالف غربي يستهدف طهران عسكريًا أو اقتصاديًا. هذه التوترات لا تهدد فقط الأمن الإقليمي، بل تنذر بتداعيات اقتصادية عميقة قد تعيد العالم إلى أجواء أزمة مالية عالمية. ومن اللافت أن شبح حرب العراق لا يظهر فقط في السياسة، بل أيضًا في البنوك.

البنوك وتكرار الأخطاء: دروس من الماضي

خلال حرب العراق، تورطت بنوك كبرى مثل “رويال بنك أوف سكوتلاند”، “باركليز”، و**”إتش إس بي سي”** في تسهيلات مصرفية مكنت طهران من تمرير أموال استخدمت لاحقًا في عمليات عسكرية وهجمات، بحسب دعاوى مرفوعة من قدامى المحاربين الأميركيين، مستندة إلى قانون مكافحة الإرهاب.
كما كان بنك لبنان الوطني (BNL) في قلب فضيحة “بوابة العراق”، بعد أن موّل فرعه في أتلانتا نظام صدام حسين بمليارات الدولارات، عبر قروض مضمونة من الحكومة الأميركية.

من آثار التدمير في تل أبيب

اليوم، ومع تصاعد الحديث عن تحالف غربي ضد إيران، يجد القطاع المصرفي نفسه من جديد في عين العاصفة. فالمخاوف تتصاعد من:

  • تجميد الأصول الإيرانية في المصارف الغربية.
  • فرض عقوبات ثانوية على بنوك تتعامل مع كيانات إيرانية.
  • هجمات إلكترونية انتقامية قد تطال البنية التحتية المصرفية في الخليج وأوروبا.
  • تهديدات أمنية فعلية لمقار البنوك الغربية في منطقة الشرق الأوسط.

الأسواق النفطية.. برميل بارود على حافة الاشتعال

يُعد النفط المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي، وأي توتر في منطقة الخليج العربي – التي تمر عبرها 30% من إمدادات النفط العالمية – يهدد بإحداث اضطرابات كبرى.

حقل نفط

يقول الدكتور جاكوب ميتشل، اقتصادي الطاقة في معهد واشنطن للاقتصاد العالمي، لـ”اليوم ميديا”:

“التصعيد ضد إيران يشكل خطرًا حقيقيًا على استقرار أسواق النفط. ارتفاع أسعار النفط قد يتسبب في ضغوط تضخمية على اقتصاديات كبيرة مثل الولايات المتحدة وأوروبا والصين، ما قد يعرقل تعافيها الاقتصادي بعد جائحة كورونا.”

هذا الارتفاع سينعكس سريعًا على قطاعات النقل، الصناعة، والزراعة، ما سيزيد من كلفة الإنتاج، ويرفع أسعار السلع الأساسية، ويفاقم التضخم العالمي.

سلاسل الإمداد.. رقبة الاقتصاد تحت المقصلة

التوترات الجيوسياسية تُهدد سلامة ممرات الشحن الحيوية، وعلى رأسها مضيق هرمز، ما قد يخلق شللًا في سلاسل الإمداد العالمية.

ناقلات النفط – (بلومبيرغ)

تحذر مارغريت أندرسون، خبيرة سلاسل التوريد بجامعة كامبريدج:

“أي تعطيل لمضيق هرمز أو تصاعد التوترات في الخليج قد يؤدي إلى اضطرابات حادة في سلاسل الإمداد، خصوصًا في الإلكترونيات، السيارات، والسلع الأساسية.”

وهذا يعزز التضخم ويؤثر على الإنتاج الصناعي، ما يضعف النمو في اقتصادات كبرى مثل ألمانيا والهند.

سيف العقوبات.. اقتصاد إيران وارتداداته العالمية

العقوبات الغربية على إيران تطال قطاعات رئيسية كالبنوك والطاقة، لكنها لا تقف عند حدود إيران، بل تؤثر على شبكة واسعة من المتعاملين العالميين.

يؤكد جوناثان هيوز، محلل الاقتصاد الدولي في مركز الدراسات الأوروبية بباريس:

“العقوبات تخلق بيئة متوترة للاستثمار، وتؤثر على حركة رأس المال والتكنولوجيا. الشركات العالمية تتجنب التعامل مع كيانات قد تضعها في مرمى العقوبات الأميركية، ما يضعف تدفق الاستثمارات في الأسواق الناشئة.”

هل نحن أمام أزمة عالمية جديدة؟

القلق الأكبر هو من انتقال هذه التوترات من نطاق إقليمي إلى أزمة اقتصادية عالمية.

اصطف سائقو السيارات في محطة وقود بطهران

تقول الدكتورة إيميلي كارتر، خبيرة الاقتصاد الدولي:

“ارتفاع أسعار النفط، اضطراب التجارة العالمية، وتشدد السياسات النقدية لمواجهة التضخم قد يخلق عاصفة كاملة تدفع نحو ركود عالمي، شبيه بما حدث في 2008 – لكن هذه المرة نتيجة نزاع جيوسياسي لا مالي.”

الأسواق الناشئة.. في عين العاصفة

الاقتصادات النامية ستكون أولى الضحايا، خصوصًا تلك التي تعتمد على استيراد الطاقة والغذاء.

ويحذر ماركوس لينغ، خبير في صندوق النقد الدولي:

“مع خروج الأموال الساخنة، وارتفاع تكاليف القروض، قد نرى موجة جديدة من الديون السيادية المتعثرة، وفوضى اقتصادية في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية.”


الخلاصة: طبول الحرب تقرع والاقتصاد يرتجف

تتكرر مشاهد من الماضي: بنوك في موضع الاتهام، وأسواق مالية على شفا الانهيار، وطبول حرب تُقرع في الخليج.

التحالف الغربي ضد إيران ليس مجرد تحرك عسكري محتمل، بل عامل زعزعة اقتصادي عالمي. وإذا لم تتحرك العواصم الكبرى لاحتواء الأزمة، فقد تجد نفسها – والعالم بأسره – في عين عاصفة اقتصادية لا تقل ضراوة عن الحروب ذاتها.

تحليل اقتصادي خاص – فريق الاقتصاد الدولي | لـ “اليوم ميديا”