image

زوارق إيرانية في مضيق هرمز أرشيفية

بينما تشتعل جبهات الشرق الأوسط بالصواريخ المتبادلة بين إيران وإسرائيل، تشتعل في المقابل أسواق المال والنفط والنقل البحري، لكن بصمتٍ أكثر خطورة.

في قلب هذا المشهد، تظهر الصين كفاعل غير مرئي، تتحرك في الظل، وتستثمر في الفوضى دون أن تطلق رصاصة. فكيف يؤثر هذا التحالف غير المعلن بين بكين وطهران على الأسواق؟ وهل يدخل مضيق هرمز مرحلة الشلل الاقتصادي؟

أولاً: عندما تصمت الصين وتشتعل الأسواق

مع كل صاروخ يسقط في تل أبيب أو أصفهان، تقف بكين على الهامش، تراقب وتراكم الأرباح.
ارتفاع أسعار النفط لأكثر من 74 دولارًا للبرميل لم يكن سوى البداية، وسط توقعات أن تتجاوز الأسعار 150 دولارًا إذا أغلق مضيق هرمز.

يقول الخبير الاقتصادي الأميركي روبرت مايلز، من معهد “بروكنغز”:

“الصين تبدو صامتة، لكنها تلعب دور التاجر الذكي. تستورد النفط من إيران بأسعار مخفّضة، وتبيعه في آسيا على وقع الرعب في الخليج. هذا ليس حيادًا.. بل مكاسب استراتيجية صافية.”

ثانيًا: تهديد حقيقي لمضيق هرمز

يشكّل مضيق هرمز أحد أهم الشرايين الحيوية للاقتصاد العالمي، إذ يمر عبره نحو 20 مليون برميل من النفط يوميًا.
التصعيد الأخير دفع شركات التأمين البحري إلى رفع الأسعار بنسبة 400%، وأدى إلى إعادة تموضع الناقلات النفطية بعيدًا عن المنطقة.

يحذر الخبير الآسيوي كازو يامادا، أستاذ الاقتصاد الدولي بجامعة طوكيو:

“أي ضربة مباشرة للبنية التحتية في هرمز أو في الموانئ الخليجية ستُدث شللًا فوريًا في الأسواق الآسيوية، وتُدفع الدول نحو تخزين استراتيجي محموم، ورفع أسعار الوقود داخليًا.”

ثالثًا: صعود الذهب.. وانهيار سلاسل التوريد

في ظل تصاعد المخاوف الجيوسياسية، اتجه المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن.
وصلت الأسعار إلى ارتفاع جنوني اليوم وسط توقعات بتجاوزها حاجز 2500 إذا توسعت رقعة الحرب.
في المقابل، تواجه سلاسل الإمداد في آسيا والشرق الأوسط اضطرابًا عنيفًا، مع تعطل ممرات الشحن وتزايد تكلفة النقل.

يقول الخبير الفرنسي جان-لوي بيرنييه، من المركز الأوروبي للأسواق:

“الأسواق لا تتفاعل فقط مع الصواريخ، بل مع الصمت الصيني الذي يُفسَّر على أنه ضوء أخضر لإيران بالاستمرار. هذا يهدد استقرار الطاقة العالمي لعقد كامل.”

رابعًا: الرابحون والخاسرون

الرابحون:

  • الصين: تشتري نفطًا رخيصًا من إيران وتوسّع احتياطياتها الاستراتيجية.
  • روسيا: تستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة، وتُصدّر النفط لحلفاء آسيا.
  • شركات السلاح العالمية: صفقات بمليارات الدولارات تُوقَّع يوميًا.

الخاسرون:

  • دول الخليج: مهددة بضربات، وتواجه ضغطًا أمنيًا واقتصاديًا.
  • الاقتصادات الآسيوية: الهند واليابان وكوريا الجنوبية تعاني من ارتفاع تكلفة الطاقة.
  • المستهلك العالمي: يدفع ثمن النزاع في محطات الوقود ومحلات البقالة.

خامسًا: هل نحن أمام نظام مالي بديل؟

اللافت أن الصين تقود من خلف الستار تحركات لاعتماد اليوان في صفقات الطاقة، بدلاً من الدولار.
إيران، وروسيا، ودول في “بريكس”، باتت تتعامل خارج النظام المالي الغربي التقليدي، وهو ما يثير مخاوف كبرى في وول ستريت.

يقول المحلل الألماني هانس شتاينر، من بنك دويتشه:

“إذا استمرت الحرب وتعمّق الانقسام، قد نشهد خلال 5 سنوات نظامين ماليين عالميين منفصلين، أحدهما بقيادة أميركا، والآخر تقوده بكين.”

خاتمة:

قد لا تُطلق الصين صاروخًا واحدًا، لكنها تُحدث زلزالًا في الأسواق العالمية، فقط بمجرد صمتها.

في عالم تُحدده الصواريخ والناقلات والأسعار، يبدو أن تحالف الظلال بين بكين وطهران هو من يملك مفاتيح المرحلة المقبلة.

تحليل اقتصادي | وحدة الاقتصاد العالمي – اليوم ميديا