image

زوارق إيرانية في مضيق هرمز أرشيفية

بينما تتصاعد وتيرة التهديدات المتبادلة بين طهران وتل أبيب، تتساءل الأوساط السياسية والاقتصادية: هل تلجأ إيران لخيارها الأخطر؟ وهل يمكن أن تفتح طهران أبواب الجحيم الإقليمي باستخدام أوراقها غير التقليدية؟ من الخليج إلى أوروبا، تتباين القراءات، لكن ما يجمع عليه الخبراء هو أن الجمهورية الإسلامية باتت في مأزق استراتيجي غير مسبوق.

الخيار الأخطر: ماذا تعني به طهران؟

الخيار الأخطر بالنسبة لطهران قد يعني استخدام أحد ثلاثة مسارات:

  1. إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية.
  2. ضرب قواعد أمريكية أو إسرائيلية عبر ميليشياتها الإقليمية.
  3. تصعيد نووي مفاجئ أو انسحاب من معاهدة حظر الانتشار.

وبحسب الخبير الاستراتيجي البريطاني دانيال كارتر، فإن “إيران تدرك أن خيارها الأخطر قد يكون خيارها الأخير. استخدام الورقة النووية أو قطع إمدادات النفط سيستدعي ردًا جماعيًا من الغرب، لكن بقاء الوضع على ما هو عليه يبدو أيضًا قاتلًا لها”.

قراءة اقتصادية: الانتحار النفطي

اقتصاديًا، تبدو طهران في وضع هش. العقوبات الأميركية أنهكت اقتصادها، والعملة المحلية فقدت أكثر من 85% من قيمتها خلال العقد الأخير.

وترى أوساط خليجية متخصصة في اقتصاديات الطاقة أن إيران تدرك خطورة اللعب بورقة مضيق هرمز، لأن أي تعطيل لحركة الملاحة سيؤدي بالفعل إلى ارتفاع أسعار النفط عالميًا، لكنه في الوقت ذاته سيقوّض ثقة شركائها الاقتصاديين، وعلى رأسهم الصين وروسيا، ويعمّق عزلتها.

النفط قد يتحول من أداة ضغط إلى سلاح مرتد. ففي حال التصعيد، قد تلجأ واشنطن لتجميد أصول جديدة، فيما تستعد السعودية والإمارات لزيادة الإنتاج لتعويض الأسواق.

قراءة أمنية: ميليشيات طهران في حالة تأهب

من لبنان إلى اليمن، تمتلك إيران شبكة نفوذ قادرة على إزعاج خصومها. لكنها تواجه تحديًا مزدوجًا: الهجمات الإسرائيلية الدقيقة التي تستهدف كوادرها وميليشياتها، وتراجع شعبية الحلفاء المحليين.

ويحذّر محلل أمني إماراتي فضّل عدم ذكر اسمه من سيناريو استباقي، بقوله: "الضربة القادمة قد لا تكون من تل أبيب وحدها. واشنطن والخليج يرصدون تحركات الحرس الثوري بدقة. أي تحرك خاطئ من الحوثيين أو حزب الله سيعني حربًا إقليمية خاطفة".

قراءة سياسية: مأزق ما بعد خامنئي

الفراغ المحتمل في القيادة الإيرانية – مع تواتر الشائعات حول الوضع الصحي للمرشد علي خامنئي – يدفع البعض للاعتقاد بأن "الخيار الأخطر" قد يكون أيضًا محاولة لتوحيد الداخل الإيراني خلف عدو خارجي.

ويضيف الباحث الأميركي توماس غرين: "المؤسسة الحاكمة تعيش انقسامات عميقة. التصعيد قد يكون طوق نجاة لإعادة ترميم هيبة الدولة بعد موجات الاحتجاجات والعقوبات".

لكن التصعيد يعني أيضًا مجازفة بتفكك الداخل، لا سيما في مناطق مثل بلوشستان وكردستان، حيث تنشط حركات انفصالية كامنة.

خلاصة: لعبة النار على حافة الهاوية

يرى المراقبون أن إيران لا تزال تمسك العصا من الوسط. فبينما تلوّح بالخطر، تبعث رسائل تهدئة خلف الستار، عبر وسطاء مثل قطر وسلطنة عُمان.

لكن، كما يقول الخبير الفرنسي جان بيار لوفيفر: "إذا اعتقدت طهران أن التصعيد سيجلب لها مكاسب، فإنها لم تتعلم درس العراق. الغرب لا يفاوض تحت ضغط، والخليج لن يقف مكتوف الأيدي".

تقرير خاص: لندن – اليوم ميديا