image

يقوم عمال الإنقاذ بالبحث بين الأنقاض في موقع الهجوم الصاروخي الإيراني - إسرائيل (CNN)

بقلم: توماس كروفورد – محلل شؤون الشرق الأوسط، لندن

لم تمضِ سوى سبعة أيام على اندلاع شرارة الحرب بين إيران وإسرائيل، إلا أن الشرق الأوسط يبدو وكأنه على شفير انفجار لا يُحمد عقباه. أسبوعٌ واحدٌ كان كفيلاً بقلب موازين إقليمية هشة، وجرّ العالم إلى حافة مواجهة شاملة قد تكون الأعنف منذ حرب الخليج الأولى.

في هذه المعركة التي تخطت حدود الردع التقليدي، تحولت تبادلات النار إلى رسائل نارية غير مضمونة العواقب، فيما بدأت خطوط العودة إلى ما قبل التصعيد تتلاشى تحت أنقاض عواصم مهددة ومصالح دولية على المحك.

حرب بلا قواعد ولا خطوط حمراء

اللافت أن هذه الحرب لا تشبه سابقاتها. إسرائيل لم تعد تكتفي بضربات محدودة في سوريا أو العراق، بل وسّعت نطاق المواجهة ليطال عمق الأراضي الإيرانية، في حين ردّت طهران بقوة غير مسبوقة مستهدفة قواعد ومنشآت إسرائيلية بشكل مباشر، وسط تسريبات عن استخدام طائرات مسيرة متطورة ومنظومات هجومية ذات دقة متناهية.

الناتج؟ زعزعة غير مسبوقة في التوازن الإقليمي، وقلق عالمي متصاعد من انفجار قد لا يستطيع أحد إيقافه.

الخليج يترقب بصمت قلق

من الرياض إلى أبوظبي، ومن الدوحة إلى مسقط، لا تتجاوز المواقف بيانات دبلوماسية تخلو من الحسم، تدعو إلى “ضبط النفس” و”تجنب التصعيد”. لكن خلف هذا الهدوء الظاهري يكمن قلق وجودي عميق. فالحرب لا تبتعد كثيرًا عن بيوت العرب، والأسواق العالمية تهتز، فيما تهدد التوترات أمن خطوط إمداد النفط الحيوية، وتتعرض القواعد الأمريكية على الأراضي الخليجية لهجمات وتهديدات متزايدة من الحرس الثوري الإيراني.

هنا يطرح السؤال الأكثر إلحاحًا: هل يستطيع الخليج أن يحتفظ بحياده في مواجهة جغرافيا لم تعد تعرف الحياد؟ أم أن الثمن سيكون باهظًا في حال انجرّ؟

واشنطن.. صمت استراتيجي أم مشاركة ضمنية؟

الولايات المتحدة، تحت إدارة ترامب، التي لطالما شكلت ضابط الإيقاع في مشهد الشرق الأوسط، تبنت صمتًا محسوبًا حيال هذا التصعيد. تحليلات عدة تشير إلى أن البيت الأبيض منح إسرائيل “الضوء الأخضر” لتوجيه ضربات استراتيجية تهدف إلى إضعاف القدرات النووية الإيرانية، لا سيما قبيل الانتخابات الأمريكية المرتقبة في 2024.

لكن ثمة من يرى في هذا الصمت الاستراتيجي محاولة لتجنب الدخول في حرب جديدة يمكن أن تهز الداخل الأمريكي، المنقسم سياسيًا والمرهق اقتصاديًا، على حساب استقرار المنطقة.

نقطة اللاعودة أم فرصة التهدئة؟

ما نراه اليوم ليس مجرد صراع بين طهران وتل أبيب، بل معركة بين مشاريع كبيرة؛ مشروع إسرائيل في ترسيخ هيمنتها الإقليمية، مقابل مشروع إيران في كسر الحصار والضغط الدولي. الثمن تدفعه الشعوب، من بيروت وغزة وبغداد إلى قلب طهران.

إنها لحظة اختبار للعالم أجمع: إما الانخراط الجاد لإنهاء هذه الكارثة، أو القبول بتوسع أتون صراع قد يشعل من المتوسط حتى بحر العرب.