
تظهر آثار الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في السماء من مخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة المحاصر - (الغارديان)
تمر منطقة الخليج بلحظة مفصلية مع تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، في ظل مخاطر تهدد أمن واستقرار المنطقة. في هذا المناخ الحساس، تحاول دول الخليج الموازنة بين دور الوسيط الذي يحافظ على التوازن، وخيار الردع لمواجهة التهديدات الأمنية. نستعرض في الحوار التالي مع المحلل الاستراتيجي الكويتي د. ظافر محمد العجمي أهم الخيارات والتحديات.
س: كيف تقيّم الموقف الخليجي الرسمي من التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل حتى الآن؟
ج: يتسم الموقف الخليجي بالحذر والتوازن. السعودية تؤكد على ضبط النفس واحترام سيادة الدول، الإمارات تحافظ على علاقاتها المتوازنة مع إيران وإسرائيل، وقطر وعُمان تلعبان دور الوساطة، فيما تتخذ الكويت والبحرين مواقف حذرة. هذا التنوع يعكس اختلاف الأولويات الجيوسياسية ويحول دون موقف خليجي موحد.
س: ما السيناريوهات المحتملة إذا تطور النزاع إلى صراع إقليمي؟ وهل يمكن أن تتورط دول الخليج؟
ج: هناك ثلاثة سيناريوهات: تصعيد محدود ينتهي باتفاق دولي، صراع شامل يشمل هجمات مباشرة واستهداف قواعد خليجية، وانهيار داخلي في إيران يؤدي لفوضى حدودية. في السيناريوهين الأخيرين، قد تُجبر دول الخليج على التدخل ضمن تحالفات إقليمية ودولية.
س: ما مدى خطورة التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز؟ وهل هناك بدائل؟
ج: مضيق هرمز شريان حيوي يعبر منه 20% من النفط العالمي. إغلاقه حتى جزئيًا قد يرفع الأسعار لأكثر من 130 دولارًا للبرميل. البدائل مثل خطوط الأنابيب السعودية وأبوظبي إلى الفجيرة وتخزين النفط في عمان تفيد جزئيًا، لكن المضيق يبقى لا غنى عنه. إيران، رغم تهديداتها، لم تغلقه خلال الحرب مع العراق.
س: كيف يؤثر التصعيد على علاقات الخليج مع إيران وإسرائيل؟
ج: التصعيد يهدد التقارب الخليجي الإيراني وخاصة الاتفاق السعودي-الإيراني 2023، ويثير مخاوف داخلية خليجية. مع إسرائيل، تواجه دول التطبيع ضغوطًا شعبية لإعادة النظر في العلاقات خصوصًا مع استهداف المدنيين.
س: هل التصعيد يهدد مشاريع الدفاع الخليجي المشترك مثل “الدرع الجوي”؟
ج: نعم، يشكل اختبارًا لمنظومات الدفاع المشترك مثل “حزام التعاون” الخليجي، الذي يوفر إنذارًا مبكرًا ضد التهديدات الجوية. النظام شهد تكاملًا مع أنظمة غربية وهو يتطور لمواجهة تهديدات الطائرات المسيرة.
س: ما هي التبعات الاقتصادية المتوقعة؟
ج: قد تزيد الإيرادات النفطية مؤقتًا بسبب ارتفاع الطلب، لكن تكاليف التأمين والشحن سترتفع، ما يقلل الأرباح. الاستثمار الأجنبي سيتأثر سلبًا بسبب عدم الاستقرار، مما يهدد مشاريع التنويع الاقتصادي.
س: هل يشكل النشاط الإيراني في المنطقة تهديدًا أمنياً مباشراً؟
ج: نعم، عبر وكلاء إيران كالحوثيين والميليشيات الشيعية، الذين يشنون هجمات تستهدف البنية التحتية والأمن الداخلي. يتطلب الرد استراتيجيات أمنية متكاملة.
س: كيف ترى موقف السعودية والإمارات من الصراع؟
ج: السعودية تركز على التهدئة وتفادي التورط، مع إعطاء أولوية للاستقرار الداخلي. الإمارات تتحفظ وتعزز قدراتها الدفاعية تحسبًا للتداعيات، مع محاولة حماية مشاريعها التنموية.
س: هل سيعيد التصعيد تشكيل التحالفات الإقليمية؟
ج: ممكن جدًا. هناك تحالف دفاعي خليجي-إسرائيلي-أميركي في طور التبلور، بينما تميل دول مثل قطر وعمان للحياد أو الوساطة، وإيران تعمق تحالفاتها مع روسيا والصين.
س: ما الخيار الأمثل أمام دول الخليج الآن؟ الوساطة، الردع، أم الحياد؟
ج: الخيار الأمثل هو الجمع بين الردع الذكي والدبلوماسية النشطة. الوساطة للحفاظ على دور الخليج كوسيط سلام، والردع لضمان الأمن، أما الحياد فهو صعب التطبيق عمليًا.
المصدر: حوار خاص لـ”اليوم ميديا” – لندن
د. ظافر محمد العجمي باحث ومستشار في الشؤون السياسية والاستراتيجية بمنطقة الخليج والشرق الأوسط.