
تشهد الساحة الدولية تصاعدًا متزايدًا حول تقارير تفيد بأن إيران نقلت كميات من اليورانيوم المُخصب إلى مواقع غير معلنة، في خطوة تثير مخاوف المجتمع الدولي من محاولة طهران إخفاء نشاطاتها النووية. هذا التطور يُعدّ تصعيدًا خطيرًا في الأزمة النووية التي لطالما كانت محور التوتر بين إيران والغرب، خاصة الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
خلفية الحدث
كشفت مصادر استخبارية غربية أن طهران نقلت شحنات من اليورانيوم المُخصب بدرجات مختلفة من منشأة نطنز إلى مواقع سرية وغير معلنة. الهدف المعلن رسميًا هو “تعزيز الأمن الوطني”، لكن محللين دوليين يرون أن الخطوة تأتي في سياق تصعيد متعمد ورفض ضمني لطلبات التفتيش الدولية.
ماذا يعني نقل اليورانيوم إلى “مكان مجهول”؟
وفقًا للمختصين، نقل اليورانيوم إلى مواقع غير معلنة يزيد من صعوبة الرقابة الدولية، ويُعقّد جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مراقبة برنامج إيران النووي، مما يفتح باب الشكوك حول احتمالية تصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى أو تطوير أجهزة طرد مركزي متقدمة في مواقع جديدة.
آراء الخبراء الغربيين
الدكتور جوناثان كينغ، خبير السياسات النووية في “معهد الدراسات الأمنية الدولي” ببروكسل، يقول:
“نقل إيران لليورانيوم إلى مواقع سرية هو إشارة واضحة على نية طهران في تجاوز القيود المفروضة عليها، وربما تجهيز منشآت نووية جديدة غير خاضعة للرقابة. هذه الخطوة تعقّد الجهود الدبلوماسية، وتزيد من خطر انزلاق المنطقة نحو تصعيد عسكري.”
وأضاف كينغ أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى “ردود فعل دولية حاسمة تشمل فرض عقوبات أشدّ أو حتى تدخل عسكري محدود لتفادي تفاقم الوضع”.
أما الدكتورة إلين مايرز، المحللة في “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية” في واشنطن، فتشير إلى:
“نقل اليورانيوم المُخصب يشكل انتهاكًا واضحًا لالتزامات إيران في إطار الاتفاق النووي، ويُضعف الثقة بين طهران والشركاء الأوروبيين. كما أنه قد يكون تحضيرًا لصناعة أسلحة نووية أو نوع من ضغط تكتيكي في المفاوضات.”
وذكرت مايرز أن “الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواجه تحديات حقيقية في فرض الرقابة على هذه المواقع الجديدة، ما قد يفتح الباب أمام فرضيات خطيرة بشأن برنامج إيران النووي.”
التبعات الإقليمية والدولية
هذا التحرك الإيراني يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة توترات متزايدة بين إيران والولايات المتحدة وحلفائها، خاصة بعد الضربات العسكرية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية خلال الأسابيع الماضية. نقل اليورانيوم إلى مواقع مجهولة يزيد من المخاوف من تطوير إيران قدرات نووية سرية، ما قد يُشعل سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط.
كما أن الخطوة تُضعف فرص التوصل إلى اتفاق جديد للحد من البرنامج النووي الإيراني، حيث يراها الغرب محاولة من طهران لكسب الوقت وتعزيز موقفها التفاوضي.
ما هي الخيارات أمام المجتمع الدولي؟
يشير خبراء إلى عدة خيارات أمام المجتمع الدولي لمواجهة هذا التحدي:
- تشديد العقوبات الاقتصادية: لزيادة الضغط على إيران وإجبارها على العودة للامتثال الكامل للاتفاق النووي.
- زيادة الرقابة الدولية: من خلال توسيع مهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتعزيز آليات التفتيش.
- الخيارات العسكرية: كخيار أخير إذا فشلت الدبلوماسية والعقوبات في وقف نشاطات إيران النووية السرية.
لكن الجميع يتفق على أن التصعيد العسكري قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة، لذا فإن الحلول السياسية والدبلوماسية هي الأفضل، رغم صعوبتها.
من وحدة التحليل السياسي – لندن – اليوم ميديا