
أشخاص يصورون مقذوفات فوق الدوحة في قطر (CNN) صور غيتي
بقلم: إدوارد كولمان
كاتب ومحلل سياسي بريطاني، متخصص في المسرح السياسي الدولي
في مشهد يشبه ألعاب القوى السياسية على المسرح الدولي، أطلقت إيران صواريخ على قواعد أميركية في الشرق الأوسط، كان أبرزها الهجوم على قاعدة العديد الجوية في قطر. هذا الهجوم الاستعراضي يعكس عمق التوتر وتصاعد المواجهة بين طهران وواشنطن. ولكن، هل كان فعلًا ضربة استراتيجية ذات مغزى، أم محاولة يائسة لإنقاذ ماء الوجه بعد الضربات الأميركية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية؟
خلفية التصعيد
في الأيام التي سبقت الهجوم، شهدت المنطقة موجة من الضربات الجوية الأميركية والإسرائيلية استهدفت منشآت نووية ومراكز حيوية في إيران، ما زاد الضغط على النظام الإيراني. جاءت هذه الضربات مصحوبة بتحذيرات من واشنطن بأن استهداف البرنامج النووي الإيراني خيار وارد، ما خلق مناخًا مشحونًا يتطلب رد فعل من طهران.
لماذا استهدفت إيران قطر والعديد؟
رغم العلاقة الدبلوماسية المعقدة بين قطر وطهران، اختارت إيران قاعدة العديد الجوية في الدوحة كهدف رئيسي، لأسباب استراتيجية متعددة:
- قاعدة رئيسية للوجود العسكري الأميركي: تُعد قاعدة العديد أكبر مركز عمليات للقوات الأميركية في المنطقة، وعصب تحركاتها العسكرية، ما يجعلها هدفًا ذا رمزية عالية.
- رمزية سياسية: تقع القاعدة في قطر التي تُعرف بدورها الوسيط في الأزمات الإقليمية، ما يجعل استهدافها اختبارًا لحدود التحالفات والدعم في المنطقة.
- رسالة إعلامية داخلية وخارجية: الهجوم يمثل استعراضًا لقوة النظام الإيراني أمام الداخل والمجتمع الدولي، خصوصًا في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية.
استعراض أم إنقاذ ماء الوجه؟
يرى كثير من المحللين أن الهجوم محاولة طهران لإعادة التوازن النفسي بعد الضربات التي لحقت ببرنامجها النووي، ليظهر أنها تملك أوراق ضغط قوية وليست عاجزة على الرد. إلا أن الرد الصاروخي يحمل أيضًا دلالات عميقة:
- تأكيد قدرة الردع: رسالة واضحة بأن أي هجوم على إيران سيقابل بردٍ مدمّر، ما يعزز سياسة الردع الإيرانية.
- تعزيز الحضور الإقليمي: إظهار القدرة على استهداف مصالح أميركية مباشرة، يؤكد مكانة إيران كطرف لا يمكن تجاوزه في المعادلات الإقليمية.
الواقع الإقليمي: دعم وحذر
تباينت ردود الفعل العربية بين إدانات للهجوم، وتأكيد دعم الأمن الخليجي، مع حرص على تجنب انجرار المنطقة إلى صراع شامل. قطر، بدورها، أدانت الهجوم لكنها تحافظ على دور الوسيط، محاولةً تهدئة التوتر.
حرب شاملة أم تصعيد محدود؟
الهجوم يحمل دلالات تصعيد لكنه ليس إعلان حرب شاملة. إيران تبدو حذرة من توسيع المواجهة، مع بقاء الأمل في مفاوضات دبلوماسية لإعادة التوازن في المنطقة.
خلاصة: الهجوم الإيراني على قاعدة العديد في قطر ليس مجرد استعراض، بل رسالة معقدة تعكس هشاشة الوضع الإقليمي وحاجة ملحة إلى توازن بين الردع والدبلوماسية لتفادي الانفجار الكبير في الخليج.