image

يتابع القائد العام للجيش الإيراني أمير حاتمي عن كثب التطورات في غرفة القيادة القتالية للجيش في طهران

في ظل تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، اتخذت طهران خطوات واضحة عبر استهداف قواعد أميركية في دول مثل العراق وقطر، بينما تجنبت بشكل واضح شن هجمات على قواعد أميركية في السعودية والإمارات. هذا التباين في اختيار الأهداف ليس صدفة، بل هو استراتيجية مدروسة بدقة تستند إلى فهم عميق للخطوط الحمراء السياسية والعسكرية، والتوازنات الإقليمية والدولية المعقدة.

الخطوط الحمراء: إعلان حرب لا يُحتمل

يشرح الدكتور مايكل وينتر، محلل أمني أميركي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن “إيران تدرك جيدًا أن استهداف قواعد أميركية في السعودية أو الإمارات سيُعتبر بمثابة إعلان حرب شاملة، وهو تصعيد لا ترغب به في الوقت الراهن، لأن ذلك قد يجر الخليج العربي بأكمله إلى مواجهة عسكرية مفتوحة لا تملك إيران أدوات السيطرة عليها”.

ويضيف وينتر: “السعودية والإمارات تمثلان حلفاء رئيسيين للولايات المتحدة في المنطقة، ولهما قدرات دفاعية متقدمة، ودعم دولي واسع. ضرب قواعد أميركية في هاتين الدولتين سيُحوّل الصراع إلى مواجهة شاملة، ما قد يؤدي إلى تدمير شامل لا ترغب إيران بتحمله”.

حدود التوازن الاستراتيجي الإيراني

من جهته، يشير الجنرال المتقاعد جيمس هاربر، خبير شؤون الشرق الأوسط في معهد دراسات الأمن القومي الأميركي، إلى أن إيران تعتمد على “سياسة توازن دقيق بين إثبات قدرتها على الردع وبين تجنب التصعيد المفرط الذي قد يقود إلى حرب شاملة”.

ويقول هاربر: “الهجمات على قواعد أميركية في العراق وقطر تعطي طهران مساحة لإظهار قوتها وردع خصومها، دون عبور الخط الأحمر الذي تمثله السعودية والإمارات. هذا يعكس قدرة إيرانية على إدارة الصراع بشكل محدود وحسابي”.

المخاطر الاقتصادية والسياسية في الخليج

تُضيف الدكتورة لينا عبيد، خبيرة في الشؤون الخليجية من جامعة لندن، أن “الهجوم على قواعد أميركية في السعودية أو الإمارات يعني استهداف قلب الاقتصاد الخليجي، وهو ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار أسواق النفط العالمية، وخلق أزمة اقتصادية عالمية”.

وتقول عبيد: “مثل هذا التصعيد سيؤدي إلى ردود فعل قوية من دول الخليج وحلفائها الغربيين، مما يجعل إيران تدفع ثمناً باهظاً على المستويين الداخلي والخارجي”.

الدور الدولي والضغط الأميركي

تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً أمنية مكثفة على حلفائها في الخليج لضمان حماية قواعدها العسكرية ومصالحها. يقول الباحث في الشؤون الدولية مارك كولمان: “إيران لا تريد مواجهة مباشرة مع السعودية والإمارات لأن هذه الدول محمية بشكل قوي، وليس فقط عسكرياً، بل أيضاً سياسياً ودبلوماسياً من قبل واشنطن”.

الأهداف السياسية لإيران في استهداف قواعد أميركية خارج السعودية والإمارات

يرى الخبير الأمني ستيفن مارك أن الهجمات الإيرانية على قواعد أميركية في العراق وقطر تهدف إلى إرسال رسالة بالقدرة على الردع دون إحداث تدمير شامل. ويضيف: “هذه الضربات تعكس رغبة طهران في الحفاظ على موقعها في التفاوض الدولي وفي ميزان القوى الإقليمي، مع تجنب إشعال حرب إقليمية كبرى”.

خاتمة: استراتيجيات محسوبة وسط توترات متصاعدة

في الختام، يبدو أن إيران تسير على خط رفيع من التصعيد المحسوب. هي تستهدف قواعد أميركية بطريقة تعبر عن قوة الردع دون أن تدفع الأمور نحو حرب شاملة عبر استهداف السعودية والإمارات، حيث تمثل هذه الدول خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها بسهولة. من جهة أخرى، يظل الخليج كله في حالة تأهب قصوى، وسط توقعات بأن أي تحرك خاطئ قد يغير قواعد اللعبة في المنطقة برمتها.

وحدة التحليل السياسي – لندن – اليوم ميديا

اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن.