image

تظهر آثار الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في السماء من مخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة المحاصر - (الغارديان)

لم تكن الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو 2025 كغيرها من التصعيدات السابقة. فخلال 12 يومًا فقط، تحوّل الصراع المستتر إلى مواجهة مباشرة، شملت ضربات جوية، وهجمات سيبرانية، وعمليات نوعية في البر والجو. ورغم قصر المدة، إلا أن تداعيات هذه الحرب لا تزال تتردد في العواصم الإقليمية والدولية حتى الآن.

الشرارة الأولى: غارة إسرائيلية على منشأة نطنز

بدأت الأحداث حينما شنّت إسرائيل غارة غير معلنة رسميًا على منشأة نطنز النووية في وسط إيران، مستخدمة طائرات شبح إسرائيلية من طراز F-35، يُعتقد أنها انطلقت من قاعدة في أذربيجان أو من البحر.

قُتل في الغارة عدد من علماء الذرة الإيرانيين، مما اعتبرته طهران إعلان حرب غير مباشر.

ردّت إيران بعد ساعات بهجوم صاروخي على مواقع إسرائيلية في الجولان، وتبع ذلك إطلاق عشرات الطائرات المسيّرة نحو أهداف في النقب وتل أبيب، بعضها تسبّب في إصابات وخسائر محدودة.

الدور الأميركي.. شريك غير معلن

لم تعلن الولايات المتحدة رسميًا انخراطها في الحرب، لكنها وفّرت دعمًا استخباراتيًا ولوجستيًا لإسرائيل، وشاركت قواتها في اعتراض مسيّرات إيرانية عبر منظومات الدفاع الجوي المنتشرة في الخليج.

بل إن تقارير استخباراتية أشارت إلى أن بعض الضربات التي استهدفت مواقع إيرانية في دير الزور وسوريا انطلقت من قواعد أميركية في العراق والكويت.

الهجمات المتبادلة: من هرمز إلى حيفا

طوال 12 يومًا، شهدت المنطقة سلسلة من الهجمات المتبادلة:

  • إيران استهدفت مواقع في الجليل الأعلى، قاعدة “رمات ديفيد”، وميناء حيفا.
  • إسرائيل ردّت بغارات على منشآت نووية في أصفهان، ومقار للحرس الثوري في بندر عباس وشيراز.
  • أميركا أسقطت مسيّرات إيرانية كانت تحلق قرب قواعدها في قطر والبحرين.

والمفاجئ أن إيران ضربت قاعدة العديد في قطر في خطوة وُصفت بأنها “ضربة حفظ ماء الوجه”، لأنها لم تقتل أحدًا ولم تُلحق دمارًا حقيقيًا، لكنها حملت رسالة سياسية خطيرة.

وقف إطلاق النار: ترامب يدخل على الخط

في اليوم الثاني عشر، أعلن الرئيس الأميركي والمرشّح الحالي دونالد ترامب عبر “تروث سوشيال” عن اتفاق لوقف إطلاق النار تم بوساطة “سريعة وقوية”، حسب تعبيره.

وذكر أن إيران ستوقف الهجمات خلال 6 ساعات، على أن توقف إسرائيل ضرباتها بعد 12 ساعة.

وتم بالفعل الالتزام بالتهدئة، وسط ترحيب دولي حذر وقلق خليجي من هشاشة الاتفاق.

خلفيات وأهداف الحرب

يرى المحللون أن الحرب كانت جزءًا من صراع أوسع على النفوذ الإقليمي:

  • إسرائيل أرادت تقويض البرنامج النووي الإيراني قبل أن يبلغ مرحلة اللاعودة.
  • إيران سعت للرد بقوة بعد سلسلة اغتيالات وغارات استهدفت قادتها خلال الشهور الماضية.
  • أميركا استخدمت المواجهة لفرض معادلات جديدة، دون أن تنجرّ لحرب مفتوحة.

تداعيات الحرب: هل انتهى الصراع فعلًا؟

رغم الهدنة، إلا أن أجواء ما بعد الحرب تُنذر بجولة مقبلة، لا سيما بعد تهديدات متبادلة بين قادة الحرس الثوري وقيادات إسرائيلية.

أما في الخليج، فقد أدركت دول المنطقة هشاشة وضعها الأمني، وسارعت إلى تفعيل التنسيق الدفاعي المشترك تحسبًا لأي مواجهة جديدة.

خلاصة

قد تكون حرب الـ12 يومًا قد انتهت عسكريًا، لكنها فتحت فصلًا جديدًا في كتاب الصراع الإيراني-الإسرائيلي، وكشفت أن الشرق الأوسط لا يزال برميل بارود، يكفي شرارة صغيرة لتفجيره مجددًا.

وحدة التحليل السياسي – لندن – اليوم ميديا