لقطة الشاشة 2025-06-26 في 5.56.17 ص

صورة لمفاعل ديمونا تم التقاطها من قبل قمر تجسس أميركي سنة 1968

منذ أن تم الكشف عن طموحات إيران النووية في عام 2002، حافظ الرؤساء الأمريكيون على موقف واضح: يجب ألا تحصل إيران على أسلحة نووية. لكن قبل عقود، قامت إسرائيل ببناء ترسانة نووية كاملة بهدوء وبعيدًا عن الأضواء، ونجحت في خداع هيئات الرقابة الدولية وأقرب حلفائها، الولايات المتحدة نفسها.

ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، فإن نجاح جهود الإخفاء الإسرائيلية يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، واعتمد على السرية، الشراكات الاستراتيجية، وعمليات تفتيش مضلّلة.

البداية: بن غوريون يقرّر السلاح النووي

في منتصف الخمسينيات، خلص ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، إلى أن الدولة الناشئة بحاجة إلى سلاح نووي لضمان أمنها في مواجهة “جيران عرب معادين”.

وبعد أزمة السويس عام 1956، قدّمت فرنسا الدعم لإسرائيل ببناء مفاعل ديمونا النووي في صحراء النقب. تم إنشاء مصنع سري لإعادة معالجة البلوتونيوم في عمق الأرض، خارج الوثائق الرسمية وبدون رقابة دولية.

في الوقت ذاته، زوّدت النرويج المشروع بالماء الثقيل الضروري للتفاعلات النووية، بناء على تعهّدات إسرائيلية بأن استخدامه سيكون “سلميًا فقط”.

الكذب على الاستخبارات الأميركية

اكتشفت المخابرات الأميركية منشأة ديمونا في أواخر الخمسينيات، لكن عندما طلبت واشنطن توضيحًا، زعمت إسرائيل أنها مصنع نسيج، ثم لاحقًا ادعت أنه “موقع أبحاث معدنية”.

واعترف بن غوريون بالمفاعل في 1960، وأرسلت الولايات المتحدة فريق تفتيش في 1961 خلص إلى أن الموقع لا يملك قدرات تسليحية. لكن عمليات التفتيش كانت شكلية ومضللة، حيث بنت إسرائيل جدرانًا مزيفة وغرف تحكم وهمية، كما كشف الصحفي الاستقصائي سيمور هيرش في كتابه “خيار شمشون”.

صفقة سرية مع واشنطن

في عام 1968، اعتقدت وكالة الاستخبارات المركزية أن إسرائيل امتلكت بالفعل سلاحًا نوويًا. وبسبب استحالة وقف البرنامج، توصّل الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون ورئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير إلى اتفاق سري ينص على:

  • ألا تعلن إسرائيل عن امتلاك سلاح نووي
  • وألا تختبره علنًا
  • وفي المقابل، تتوقف الولايات المتحدة عن الضغط للانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار النووي أو السماح بتفتيش إضافي

تجربة نووية مثيرة للجدل

في عام 1979، رصد قمر صناعي أميركي تجربة نووية مشتبه بها قبالة سواحل جنوب إفريقيا، وقد رجح الرئيس جيمي كارتر ومسؤولون آخرون أن إسرائيل وراءها، ما فتح الباب مجددًا للتساؤلات حول مصداقية اتفاق عام 1969.

ترسانة إسرائيل اليوم

بحسب اتحاد العلماء الأمريكيين (FAS)، يُعتقد أن إسرائيل تملك ما لا يقل عن 90 رأسًا نوويًا، يمكن إطلاقها عبر:

  • طائرات حربية
  • صواريخ باليستية أرضية
  • وربما صواريخ كروز بحرية

الدرس من تل أبيب

بينما تواجه إيران عقوبات وتهديدات مستمرة لمنعها من الحصول على السلاح النووي، تكشف قصة إسرائيل عن معايير مزدوجة في السياسة الدولية، حيث مرّت ترسانة نووية كاملة دون مساءلة، في تواطؤ صامت بين حلفاء يفترض أنهم “يحاربون الانتشار النووي”.

وحدة التحليلات – لندن – اليوم ميديا