image

تظهر آثار الصواريخ الإيرانية التي أطلقت على إسرائيل في السماء من مخيم النصيرات للاجئين في قطاع غزة المحاصر - (الغارديان)

رغم ما ردّده الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من شعارات النصر، إلا أن الواقع على الأرض لا يشير إلى تحقيق أي من الأهداف الثلاثة المعلنة لتلك الحرب الخاطفة: لم يُقضَ على البرنامج النووي الإيراني، ولم تُدمّر الترسانة الصاروخية الإيرانية، ولم يسقط النظام في طهران.

إيران صمدت.. وأعادت تشكيل الصفوف

بحسب تقييم وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA)، فإن الضربات الجوية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية لم تنجح في تدمير المكونات الأساسية للبرنامج النووي، وأظهرت طهران قدرة استثنائية على الاحتفاظ بمخزون يزيد عن 400 كغ من اليورانيوم عالي التخصيب، ونقل بعض أجهزة الطرد المركزي الحساسة إلى أماكن آمنة.

ووفق تحليل للكاتب البريطاني ديفيد هيرست على موقع “ميدل إيست آي”، فإن إيران احتفظت بقدراتها على تخصيب اليورانيوم وصناعة الصواريخ بعيدة المدى، وبأنها استعرضت في هذه الحرب إرادة وطنية صلبة، وتكنولوجيا لا تزال فعالة، ما يكرّس مكانتها كقوة إقليمية لا يمكن تجاهلها.

إسرائيل تنزف.. وأكثر من نمرٍ من ورق

في المقابل، تلقّت إسرائيل ضربات غير مسبوقة خلال 12 يومًا من القصف، وصفها محللون بأنها أعنف مما تلقّته خلال عامين من صواريخ حماس، أو أشهر من المعارك مع حزب الله. وسقطت صواريخ إيرانية على مصفاة نفط ومحطة طاقة ومبانٍ شاهقة في تل أبيب، وأجبرت ملايين السكان على الاحتماء في الملاجئ طوال مدة الحرب.

وتشير التقارير إلى خسائر اقتصادية إسرائيلية فاقت 12 تريليون دولار، مع نزوح ما يقارب 40% من السكان خارج البلاد، وانهيار الثقة في قدرة الدولة على الحماية دون دعم أميركي مباشر.

ترامب.. من التهديد إلى الشكر

بدأ الرئيس ترامب الحرب بتجاهل التورط، ثم انخرط تدريجيًا في مسارها، قبل أن يشكر إيران في اللحظة الأخيرة لتحذيرها واشنطن من ضرب قاعدة العديد في قطر. وتحوّل خطابه من استسلام إيران إلى وقف مشروط لإطلاق النار.

خريطة نتنياهو تتبخر

قبل عامين، وقف نتنياهو في الأمم المتحدة يتباهى بخريطة “الشرق الأوسط الجديد” الذي تتزعمه إسرائيل، لكنه اليوم يعود محمّلًا بالفشل، بعدما عجز عن جرّ إيران إلى الركوع، أو حشد الداخل الإسرائيلي خلف مشروعه الإقليمي.

الدرس الإيراني: الاستمرار هو النصر

رغم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بها، خرجت إيران بمكاسب استراتيجية كبرى. فقد كشفت نقاط ضعف الردع الإسرائيلي، واستنزفت نظام القبة الحديدية وصواريخ “آرو” باهظة الثمن، ورسّخت فكرة أن إسرائيل لا تستطيع الانتصار دون غطاء أميركي.

تحوّل إقليمي مرتقب؟

أظهرت الحرب أن إيران مرشحة لتكون الوكيل القوي في الشرق الأوسط، منافسة لإسرائيل على تحالفات واشنطن. كما أذكت الآمال في إمكانية تقارب عربي-إيراني، وربما تحول تاريخي يُعيد رسم المشهد الجيوسياسي.

وحدة التحليلات – لندن – اليوم ميديا