
طائرات إف-15 تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي
قبل يوم من الهجوم الإسرائيلي على إيران، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرحب بالرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي داخل الكنيست. وبينما تحدث عن اليهود الذين فروا من الاضطهاد، تطرق إلى الإمبراطورية العثمانية قائلاً: “لا أعتقد أنها ستتجدد في أي وقت قريب”، في إشارة واضحة إلى تركيا. هذه التصريحات اعتُبرت في أنقرة تهديدًا مبطّنًا، خصوصًا مع تصاعد التوتر عقب الضربة العسكرية على طهران.
العلاقات بين تركيا وإسرائيل تمر بفترات توتر متكررة منذ وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة عام 2003، مع ذروات حادة خلال الحروب على غزة. وبعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، تسود أنقرة مخاوف من أن تكون الهدف التالي.
تاريخياً، كانت تركيا حليفاً لإسرائيل في التسعينات، لكن الخلافات حول القضية الفلسطينية وسفينة “مرمرة” عام 2010 تسببت في شروخ عميقة. أما اليوم، ومع تصاعد التهديدات والشتائم المتبادلة، تعزز تركيا دفاعاتها وتنشر ما يُعرف بـ”القبة الفولاذية”.
مشروع إسرائيل الكبرى الذي تحدث عنه نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2023 يُقلق أنقرة، لا سيما مع تنامي قدرات إسرائيل الجوية وتوسعها الإقليمي. يرى محللون أن بقاء دولة قوية كتركيا يُعيق هذا المشروع، مما يجعل من أنقرة خصماً استراتيجياً.
الولايات المتحدة بدورها على علم بالتصعيد، بل أبلغت تركيا مسبقًا بالهجوم على إيران. كما تسعى واشنطن لمنع صدام مباشر بين أنقرة وتل أبيب، خصوصًا في ظل تقاطعات النفوذ في سوريا وشرق المتوسط.
الرئيس أردوغان من جانبه لم يُخفِ استعداده للتدخل، وقال مؤخرًا: “مثلما دخلنا ليبيا وكاراباخ، يمكننا أن نفعل الشيء ذاته”. وردّ وزير الخارجية الإسرائيلي بمقارنة أردوغان بصدام حسين، مما أشعل مزيدًا من التوتر الكلامي.
صحيفة “غلوبس” العبرية نشرت مقارنة عسكرية تُظهر تفوق تركيا في العديد من المؤشرات التقليدية كالقوات البرية واللوجستية، مقابل تفوق إسرائيلي في سلاح الجو بفضل طائرات F-35.
أنقرة بدورها تستعد لأسوأ السيناريوهات. فقد بدأت في تنفيذ مشروع القبة الفولاذية متعددة الطبقات لتأمين المجال الجوي والبري والبحري عبر الذكاء الاصطناعي. كما رفعت إنفاقها الدفاعي فوق هدف الناتو، ووسّعت استثماراتها في الصناعات العسكرية.
رغم كل التصعيد، تبقى العلاقات الدبلوماسية قائمة رسمياً، وإن تم سحب السفراء. إذ لا ترغب أي من الدولتين بفتح جبهة مباشرة، خصوصاً مع تعدد ساحات التوتر في المنطقة.
لكن تبقى التساؤلات مطروحة: هل ما يحدث هو مجرد تصعيد سياسي؟ أم أن المنطقة مقبلة على مواجهة جديدة بين قوتين إقليميتين؟
وحدة الأخبار – لندن – اليوم ميديا