
وزير الخارجية الصيني وانغ يي يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية)
تشعر واشنطن بقلق متزايد إزاء تصاعد الاستثمارات الصينية في إسرائيل، لا سيما في قطاعات التكنولوجيا الفائقة والبنية التحتية، ما يثير مخاوف أمنية واستراتيجية لدى صناع القرار الأميركيين. ويتركّز هذا القلق حول احتمالية حصول بكين على تقنيات إسرائيلية حساسة، يمكن توظيفها لتعزيز تفوق الصين العسكري والاستخباراتي في صراعها العالمي مع الولايات المتحدة.
التكنولوجيا في مرمى التنين.. والخوف من الاختراق
تعتبر إسرائيل شريكًا رئيسيًا للولايات المتحدة في مجالات الابتكار والدفاع، خصوصًا في تقنيات الطائرات بدون طيار، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، وتحلية المياه. وتخشى واشنطن من أن تسهم الاستثمارات الصينية – عبر شراكات أو استحواذات – في تسريب هذه التقنيات إلى الصين، خصوصًا أن العديد منها مزدوج الاستخدام، أي يمكن توظيفه في التطبيقات العسكرية والمدنية على حد سواء.
التقارير الاستخباراتية الغربية تشير إلى أن بكين قد تستخدم هذه القنوات الاستثمارية كوسيلة غير مباشرة للوصول إلى ملكيات فكرية، أو حتى التغلغل داخل أنظمة الحكومة الإسرائيلية وشبكاتها الحساسة.
الموانئ والمخاطر السيبرانية
من بين أبرز المخاوف الأميركية، هو النفوذ الصيني المتزايد في مشاريع البنية التحتية الحيوية مثل تشغيل الموانئ وشبكات الاتصالات، ما قد يمنح الصين نافذة محتملة على شبكات إدارية وأمنية حساسة في إسرائيل، الأمر الذي تعتبره واشنطن تهديدًا مباشرًا لعلاقاتها الاستخباراتية والعسكرية المميزة مع تل أبيب.
استثمارات متباينة بين الحكومة والقطاع الخاص
على مدى العقد الماضي، شهدت إسرائيل تدفقًا كبيرًا لرأس المال الصيني، خاصة من شركات مملوكة للدولة استهدفت قطاع البنية التحتية، بينما ركزت الشركات الخاصة وصناديق رأس المال المغامر على قطاع التكنولوجيا المتقدمة. وبلغت الاستثمارات ذروتها في عام 2018، قبل أن تبدأ في التراجع بسبب جائحة كوفيد-19، وتغير الأولويات داخل الصين، وكذلك الضغوط السياسية من الولايات المتحدة.
رغم هذه المخاوف، فإن الاستثمارات الصينية لا تزال تمثل أقل من 10% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل، وتأتي بعد الولايات المتحدة وأوروبا.
خطة “صنع في الصين 2025” ومحور إسرائيل
يشير محللون إلى أن اهتمام الصين بإسرائيل ليس عشوائيًا، بل يتماشى مع خطة بكين الاستراتيجية “صُنع في الصين 2025″، التي تهدف إلى تسريع وتيرة تطوير الصناعات التكنولوجية المتقدمة. وبما أن إسرائيل تُعد “دولة ناشئة” عالمية بامتياز، تضم مئات الشركات الرائدة في مجالات مثل الزراعة الدقيقة، الطب الحيوي، الطباعة الرقمية، الأمن السيبراني، والأنظمة الذكية، فإنها أصبحت هدفًا رئيسيًا في استراتيجية “الذهاب إلى العالمية” التي تتبعها بكين.
الصين – التي شهدت نموًا مذهلًا في استثماراتها الخارجية بنسبة 32% بين 2007 و2017، مقابل متوسط عالمي لا يتجاوز 7% – باتت ترى في إسرائيل بوابة استراتيجية لجذب التكنولوجيا المتطورة، بفضل الكفاءات البشرية الإسرائيلية وثقافة الابتكار الفريدة.
من إعداد: جيمس هاربر – محلل أمن دولي | وحدة التقارير – لندن – اليوم ميديا