image

مصرع 4 أبطال في حريق مدمر بسنترال رمسيس

عبدالله عبدالسلام

إحدى أهم المزايا التى توفرها الطفرة التكنولوجية الحديثة الشفافية والمعلومات الدقيقة التى كانت تضيع فى السابق فى أضابير الأرشيف وأرفف الوزارات والهيئات. للأسف، مع اندلاع حريق سنترال رمسيس، كانت المعلومة والشفافية هما الضحية. تصريحات متضاربة ومبتسرة، بشأن ماذا يعنى سنترال رمسيس بالنسبة لقطاع الاتصالات والإنترنت؟.. هل هو قلب القطاع الذى إذا حدث فيه عطب انهار الجسد أو تضرر بشدة، أم أنه مركز اتصالات بين مراكز أخرى عديدة، وبالتالى لن يكون للحريق تأثير كبير؟.. مسؤولو الاتصالات أكدوا أن السنترال، على أهميته، واحد من أربعة أو خمسة مراكز أخرى.

لكن ما حدث من انهيار للاتصالات والإنترنت بنسبة لا تقل عن ٧٠٪، كما أشار الخبراء، يوضح أن التقليل من «مركزية» السنترال يفتقر للشفافية، ويهدف فقط للتهدئة والطمأنة. كما أن الحديث المتكرر عن السيطرة على الحريق وعودة الأمور إلى طبيعتها أمس الأول (الثلاثاء) لم يحدث. الحريق تجدد، والاتصالات والنت ظلت مقطوعة بنسبة معتبرة. وزير الاتصالات قال أمام البرلمان إن الإنترنت كان يعمل بكفاءة قبل الحريق وزادت كفاءته خلال الحريق رغم انهيار السنترال، والدليل مناقشات السوشيال ميديا خلال الحادث، والتى كانت بمئات آلاف المستخدمين. هل يعلم السيد الوزير أن خدمة الإنترنت المنزلى لبعض شركات الاتصالات مازالت مقطوعة حتى ظهر أمس. تقارير دولية عديدة ذكرت أن الاتصال بالإنترنت فى مصر يوم الثلاثاء، أى بعد الحادث بيوم ظل ضعيفاً، وأن الاتصال على المستوى الوطنى بلغ ٤٤٪ من المستويات العادية، مع تأثر الخدمات المصرفية والمدفوعات عبر المحمول والتجارة عبر النت.

المفارقة أنه فى الوقت الذى كان فيه أحد مسؤولى قطاع الاتصالات يعلن عدم وجود مشاكل فى خدمة معينة، كان الجمهور يعانى من انقطاع تلك الخدمة. وفى وقت اهتمت فيها وزارة الاتصالات بالعمل على تأمين الخدمة للبنوك والشركات، فإن المشتركين العاديين لم يحظوا بالاهتمام اللازم. صحيح أن إعادة الخدمات للبنوك والشركات فى صالحهم، لكنهم فى المقابل لم يجدوا إنترنت منزلياً، ولم يستطيعوا إجراء مكالمات مع مشتركين فى شركات اتصالات معينة. المحزن أن بعضاً من هذه الشركات لم يكلف نفسه عناء الاعتذار، بل أغلق تليفوناته ولم يرغب فى تلقى استفسارات. هذه الشركات نفسها لا تُعطى المشترك حقاً ولا باطلاً، عندما يتصل شاكيا من سوء الخدمة أو جزافية التقديرات المالية.

ما سبق لا يعنى إهالة التراب على قطاع حقق إنجازات مهمة خلال السنوات الماضية وأحدث تحولا كبيرا فى الحياة بمصر، وهو قطاع واعد ويمكنه قيادة الاقتصاد المصرى نحو النمو والتقدم. لكن من الضرورى أن يدرك القائمون عليه أن ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات أدخلت قيما جديدة أهمها إتاحة المعلومة والبيانات الدقيقة وجعلت المستخدم قادرا على الشكوى والمحاسبة بل والعقاب. لا يصح، ونحن نتحدث عن أن ٢٠٢٥ سيكون عام إطلاق الجيل الخامس فى تكنولوجيا الاتصالات أن نظل نمارس الطريقة القديمة التى تُخفى أكثر مما تُظهر، وتتعامل مع المستخدم، تماما كما كان البائع قبل سنوات يختار له السلعة، ويمنعه من مجرد معاينتها قبل الشراء.

نقلا عن المصري اليوم