image

في 11 يوليو 2025، شهد إقليم كردستان شمال العراق حدثًا غير مسبوق حين أقدم نحو 20 إلى 30 مقاتلًا من حزب العمال الكردستاني على حفل رمزي لنزع السلاح، حيث ألقوا أسلحتهم في حفرة نارية في محاولة لتقديم خطوة حسن نية تجاه السلام والمجتمع الديمقراطي. إلا أن هذه الخطوة لم توقف الهجمات التركية المستمرة على مناطق حزب العمال في شمال العراق، حيث شنت تركيا بعد 30 دقيقة من الحفل ضربات جوية مكثفة على قرى منطقة العميدية في محافظة دهوك.

تفاصيل حفل نزع السلاح وخطوة حزب العمال الكردستاني

ألقى المقاتلون أسلحتهم، بما في ذلك بنادق AK-47 ومدافع رشاشة وقنص، وأكدوا التزامهم بالسعي نحو المشاركة السياسية الديمقراطية الهادفة إلى ضمان حقوق الأكراد في تركيا، من خلال العمل ضمن الإطار القانوني والسياسي بعيدًا عن العنف.

وقالت المجموعة التي أطلقت على نفسها “مجموعة السلام والمجتمع الديمقراطي” في بيان رسمي إن هذه الخطوة “تأتي لضمان النجاح العملي لعملية السلام والمجتمع الديمقراطي، ونقل نضالنا الاشتراكي إلى ساحة السياسة القانونية والديمقراطية.”

رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بهذه المبادرة، معتبرًا إياها “تمزيقًا للأغلال الدموية التي كبلت بلدنا”، ومؤكدًا أن ذلك سيسهم في استقرار المنطقة.

الهجمات التركية وتضارب الإشارات: استمرار التصعيد أم بداية للحل؟

رغم الخطوة الرمزية لإلقاء الأسلحة، ظلت الضربات التركية مستمرة بشكل مكثف ومركز في محافظة دهوك، خاصة في قضاء العميدية، وفقًا لمرصد الحرب الذي وثّق أكثر من 550 عملية قصف وتفجير في شهر يونيو 2025 وحده، بزيادة نسبتها 8% مقارنة بالشهر السابق، مع استمرار غياب تقارير الإصابات بين المدنيين.

تصاعد الهجمات في مناطق محددة يعكس استراتيجية تركية واضحة لاستهداف قواعد حزب العمال وتقليص نفوذه، رغم جهود وقف إطلاق النار التي مضى عليها أشهر دون توقف فعلي للعمليات العسكرية.

خلفية الصراع: حرب عصابات مستمرة وقيادة معتقلة

يعود الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني إلى عقود من الزمن، حيث يمارس التنظيم حرب عصابات ضد الحكومة التركية، ويُصنفه البعض منظمة إرهابية. يقبع زعيم الحزب عبد الله أوجلان في سجن إمرالي التركي مدى الحياة، وهو أحد أبرز رموز الصراع.

تاريخيًا، شهد الإقليم شمال العراق تكرارًا للهجمات التركية على مواقع التنظيم، ما أدى إلى توترات متكررة بين العراق وتركيا، وسط تحذيرات دولية من تصاعد العنف وتأثيره على الاستقرار الإقليمي.

تحليل استراتيجي: ما دلالات نزع السلاح؟

خطوة نزع السلاح الرمزية، رغم أهميتها السياسية، تواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع. فاستمرار القصف التركي يشير إلى أن أنقرة لم تغير من استراتيجيتها الحربية ولا زالت تستهدف حزب العمال بقوة، مما يطرح تساؤلات حول جدية الطرفين في التوصل إلى حل شامل.

قد تكون هذه الخطوة جزءًا من مسار تفاوضي طويل الأمد يسعى لإعادة تأهيل بعض فصائل التنظيم في العملية السياسية التركية، لكنه في الوقت ذاته يواجه مقاومة داخلية تركية تميل إلى الحسم العسكري النهائي.

المستقبل: هل يلوح أفق السلام؟

المشهد الحالي يعكس حالة تعقيد بالغة في ملف الأزمة الكردية التركية. نزع السلاح ليس نهاية الحرب، بل بداية لمفاوضات سياسية معقدة تتطلب ثقة متبادلة ووقفًا فعليًا للهجمات.

لا بد من مراقبة التطورات القادمة التي قد تحدد مصير العملية، في ظل الضغوط الإقليمية والدولية لتخفيف التوتر وتأمين حقوق الأكراد داخل تركيا وخارجها.

لندن – اليوم ميديا