image

رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت

في تصريح غير مسبوق، شن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت هجومًا لاذعًا على حكومة بنيامين نتنياهو، واصفًا خطة إقامة ما يسمى “المدينة الإنسانية” في رفح بأنها معسكر اعتقال قد يشكل أساسًا لعملية تطهير عرقي جماعي بحق الفلسطينيين.

في مقابلة مطولة مع صحيفة الغارديان البريطانية نُشرت في 13 يوليو 2025، أكد أولمرت أن إسرائيل ترتكب حاليًا جرائم حرب في غزة والضفة الغربية، وأن مشروع ترحيل السكان إلى معسكر مغلق جنوب القطاع لا يمكن تفسيره سوى بأنه مقدمة لترحيل قسري واسع النطاق.

معسكر اعتقال على أنقاض رفح؟

قال أولمرت: “إنها ليست مدينة إنسانية، بل معسكر اعتقال بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إذا أجبرت إسرائيل الفلسطينيين على الدخول إليها ومنعتهم من المغادرة، فهذه جريمة تطهير عرقي بكل وضوح”.

الخطة التي أعلنها وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتس تقضي ببناء منشأة مغلقة تستوعب نحو 600 ألف فلسطيني، على أن يتم لاحقًا توسيعها لتضم سكان غزة بالكامل. وبحسب كاتس، لن يُسمح للمقيمين بالمغادرة إلا نحو دول أخرى، وهو ما أثار موجة تنديد داخل إسرائيل وخارجها.

أولمرت: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء

ورغم تأييده للحملة العسكرية ضد حماس في أكتوبر 2023، أقر أولمرت بأن حكومة نتنياهو تخلت “بشكل علني ووحشي” عن أي جهود للتفاوض على وقف إطلاق نار دائم. وقال: “وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها هذا صراعًا دفاعيًا، بل ممارسة مستمرة لانتهاكات مروعة بحق المدنيين”.

وأضاف: “أنا خجول ومفطور القلب، لأن ما بدأ كحق في الدفاع عن النفس تحول إلى شيء آخر تمامًا… لا أستطيع إلا اتهام هذه الحكومة بارتكاب جرائم حرب”.

المستوطنون و”فظائع التلال”

انتقد أولمرت أيضًا ظاهرة “شباب التلال”، وهي مجموعات من المستوطنين المتطرفين تنفذ هجمات مروعة ضد القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وقال إنهم يتحركون ضمن إطار حماية وتواطؤ من الدولة. وأضاف: “يبدو أن الجيش يتغاضى عمّا يقومون به، رغم فظاعته واتساعه، ولا يمكن أن يحصل ذلك دون دعم من السلطات”.

واعتبر أن المسؤولين المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية يشكلون خطرًا أكبر من أي عدو خارجي، واصفًا إياهم بـ”العدو من الداخل”.

المدينة الإنسانية: خدعة أم كارثة؟

بحسب أولمرت، فإن تصوير المخيم المزمع بناؤه على أنه ملاذ آمن للفلسطينيين “لا يتمتع بأي مصداقية”، مؤكدًا أن تصريحات الوزراء الداعية إلى “تطهير غزة” وبناء المستوطنات تفضح النوايا الحقيقية للمشروع.

وقالت تقارير حقوقية إسرائيلية ودولية إن المخطط الجديد يشكل نموذجًا لـ”الجرائم ضد الإنسانية”، وربما يرتقي إلى جريمة إبادة جماعية، في حال تم تنفيذه بالكامل.

الضغوط الدولية… الأمل الوحيد

أعرب أولمرت عن قلقه من تدهور صورة إسرائيل دوليًا، مشيرًا إلى أن الغضب العالمي المتزايد لم يعد مرتبطًا فقط بمعاداة السامية، بل بما يشاهده الناس من فظائع عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

وقال: “لا يمكننا أن نستمر في الادعاء بأن كل من ينتقد إسرائيل هو معادٍ للسامية. هناك غضب حقيقي بسبب ما يراه الناس بأعينهم.”

من قطاع غزة

وأشار إلى أن الضغط الدولي المكثف قد يكون الأداة الوحيدة القادرة على إحداث تغيير في السياسات الحالية، في ظل غياب معارضة داخلية فاعلة، داعيًا إلى تدخل خارجي أكثر حزمًا.

نتنياهو يرشّح ترامب لجائزة نوبل!

عبّر أولمرت عن صدمته من خطوة نتنياهو ترشيح دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام، في وقت تُلاحقه مذكرة اعتقال دولية بتهم ارتكاب جرائم حرب. وعلّق ساخرًا: “فيما يدفن نتنياهو السلام، يرشّح شريكه لوسام السلام!”

خاتمة:

تصريحات أولمرت تمثل شهادة من الداخل الإسرائيلي ضد السياسات الراهنة التي تقود إلى المزيد من الدمار والتشريد، وتعيد تسليط الضوء على خطورة الخطط المطروحة لإنشاء “المدينة الإنسانية” كغطاء لما يصفه مراقبون بـ”الترحيل الجماعي المقنّع”.

لندن – اليوم ميديا