image

نقطة تفتيش أمنية بقرية المزرعة في محافظة السويداء

في تصريح مثير للجدل أدلى به توم باراك، مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا، ألقى مسؤولية الفظائع التي ارتُكبت في محافظة السويداء على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) متنكراً في زي قوات نظام سقط منذ ٢٠٢٤ الذي يحكم سوريا حاليا أحمد الشرع، مبرئًا قوات الشرع من أي تورط في تلك الأحداث الدامية التي شهدتها المنطقة مؤخراً.

تفاصيل التصريحات: بين الإنكار والاتهام

قال باراك في مقابلة مع وكالة “رويترز” من بيروت، إن قوات الشرع لم تدخل مدينة السويداء أصلاً، ولفت إلى وجود تفاهمات مع إسرائيل بشأن عدم دخولها المدينة، موضحًا أن الصور والفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي التي تزعم تورط قوات الشرع في الفظائع قد تكون مفبركة أو معدلة.

هذه التصريحات جاءت في وقت تشهد فيه محافظة السويداء توتراً شديداً، مع تصاعد العنف الطائفي بين الميليشيات الدرزية والبدو السنة، ما أدى إلى سقوط أكثر من ألف قتيل، ويُعتبر من أخطر الحوادث الطائفية في جنوب سوريا منذ سنوات.

ردود الفعل الدولية: إسرائيل وواشنطن في موقف محرج

في نفس السياق، شنت إسرائيل غارات جوية على قوافل قوات الشرع ومواقع في دمشق، بحجة حماية الطائفة الدرزية، التي تضم نحو 150 ألف نسمة في إسرائيل. وأوضح باراك أن هذه الغارات أزعجت إدارة ترامب والرياض، وأن البيت الأبيض لم يكن على اطلاع مسبق، مؤكداً دعم واشنطن لجهود التهدئة وعدم التصعيد.

من جهة أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات الاقتصادية عن دمشق وتشجيع الاستثمار الخليجي، لاسيما من السعودية ودول الخليج، كجزء من مساعي إعادة دمج سوريا إقليمياً وتقليل عزلة نظام الشرع الاقتصادية والسياسية.

آراء محللين غربيين: إشارات إلى تحولات استراتيجية

قال ديفيد هيرست، محلل شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث لندن، إن تصريحات باراك تنطوي على أبعاد سياسية أكثر من كونها عسكرية، إذ تسعى واشنطن لإعادة تشكيل الخطاب الدولي حول الأزمة السورية، من خلال تقديم تنظيم داعش كطرف مسؤول عن العنف الطائفي، بهدف تبرير تدخلات دولية محتملة وتقويض موقف نظام أحمد الشرع.”

يرى هيرست أن نفي تورط قوات النظام في المجازر يُعدّ رسالة موجهة لتخفيف الضغط عن أحمد الشرع، الرئيس السوري الحالي. ويضيف أن هذه الخطوة قد تمهد أيضًا لإعادة طرح ملف تنظيم داعش كخطر قائم، بما يفتح الباب أمام تدخل عسكري أميركي جديد في سوريا.”

في المقابل، تقول إليزابيث كارتر، خبيرة مكافحة الإرهاب في جامعة هارفارد، إن الحديث عن تنكّر عناصر داعش في زي قوات الشرع أمر مألوف ويشير إلى تطور التكتيكات الإرهابية، لكنها تحذر من تبسيط المشهد السوري المعقد وتحميل داعش المسؤولية بشكل مطلق، “فالصراع في سوريا متعدد الأوجه، ولا يمكن تجاهل أن قوات الشرع ومسؤوليه يحملون نصيباً من المسؤولية عن تصعيد العنف.”

إعادة دمج “قسد” وتأثيرها على المشهد السوري

في تطور لافت، يدفع باراك نحو دمج قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الجيش السوري النظامي، في محاولة لتوحيد القوى المحلية وتقليل التوترات، ما قد يمهد لانسحاب أميركي تدريجي من شمال شرق سوريا. هذا التوجه حظي بردود فعل متباينة، خاصة في تركيا التي ترى في “قسد” امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور.

ويقول مايكل دانين، الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط: “الدمج قد يكون بداية لمرحلة جديدة في إعادة تشكيل المشهد السوري، لكنه محفوف بالتحديات، لا سيما في ظل رفض بعض الفصائل الكردية والضغوط التركية.”

هل نعود إلى تدويل الصراع؟

تشير التحليلات إلى أن تصريحات باراك لا يمكن قراءتها بمعزل عن سياق جيوسياسي أوسع يشهد إعادة ترتيب الأوراق في سوريا والشرق الأوسط. فاتهام داعش، وإعادة توجيه الأنظار إليها كطرف مسؤول عن العنف الطائفي، قد يأتي ضمن استراتيجية دولية لتبرير استمرار الوجود العسكري الأميركي والإقليمي، مع فتح الباب أمام تدخلات جديدة تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

وخلص بعض المحللين إلى أن “تصعيد الحديث عن داعش يعكس رغبة واشنطن في إبقاء سوريا ضمن دائرة الاهتمام الدولي، في وقت تسعى دول أخرى كروسيا وإيران لتثبيت نفوذها، مما يزيد من تعقيد المشهد ويهدد فرص السلام والاستقرار.”

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE