ChatGPT Image 27 يوليو 2025، 11_34_52 م

صورة مركبة خاصة (اليوم ميديا)

في عام 1998، بلغت ضغوط الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة ذروتها، ما أجبر المصارف السويسرية الكبرى، وفي مقدمتها “يو بي إس” (UBS)، على دفع تسوية بلغت 1.25 مليار دولار. السبب؟ تورّطها في إخفاء أموال اليهود الذين قضوا خلال المحرقة النازية.

هذه الخطوة لم تكن فقط انتصارًا لحقوق ضائعة، بل أثبتت أيضًا قوة رأس المال السياسي اليهودي المنظم عالميًا. لكن القصة، كما تبيّن الآن، لم تنتهِ بعد.

 العودة إلى “الحسابات الضائعة”: لاودر يفتح الملفات مجددًا

بعد أكثر من عقدين على تلك التسوية، يعود الملف مجددًا إلى الواجهة. هذه المرة عبر حملة يقودها الملياردير اليهودي رونالد لاودر، الذي يطالب بفتح تحقيق جديد حول “حسابات بنكية ضائعة” قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات. ووفق وكالة بلومبيرغ، فإن هذه العودة تعبّر عن حقيقة راسخة في الخطاب اليهودي العالمي: العدالة لا تخضع للتقادم.

 هل تمتد المطالبات إلى الشرق الأوسط؟

ما يجري اليوم في سويسرا ليس مجرد معركة قانونية، بل جرس إنذار لدول أخرى، وخصوصًا في الشرق الأوسط. فمع تسارع خطى التطبيع بين دول الخليج وإسرائيل، تبرز تساؤلات حساسة:

  • هل يُمكن لإسرائيل أن تطالب السعودية بتعويضات تاريخية؟
  • وهل تصبح تلك المطالب ورقة ضغط تفاوضية في صفقات التطبيع؟

 “العدالة التاريخية” في العقيدة السياسية الإسرائيلية

في الخطاب السياسي الإسرائيلي، هناك ملف دائم الحضور: “الممتلكات اليهودية المصادرة” في العالم العربي. وزارة الخارجية الإسرائيلية قدّرت في تقارير سابقة أن اليهود الذين غادروا العراق، مصر، ليبيا، اليمن، والمغرب خسروا ممتلكات بقيمة تفوق 150 مليار دولار.

وفي عام 2019، صرّح وزير المهجّرين الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي: “أي تطبيع مع الدول العربية يجب أن يتضمّن تسوية عادلة لأملاك اليهود”.

 250 مليار دولار: إسرائيل تحضّر فواتيرها

وفق صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فإن الحكومة الإسرائيلية تستعد لطلب تعويضات تتجاوز 250 مليار دولار من سبع دول عربية وإيران. وتشير تقارير قناة “حداشوت” العبرية إلى توزيع المطالبات كما يلي:

  • 35 مليار دولار من تونس
  • 15 مليار دولار من ليبيا
  • مطالبات مشابهة من المغرب، العراق، سوريا، مصر، اليمن، وإيران

أما الوزيرة جيلا جمليل، فقد صرحت: “لقد حان الوقت لتصحيح الظلم التاريخي… واستعادة ما هو حق لليهود”.

 السعودية في مرمى المطالب؟

رغم أن السعودية لم تُذكر رسميًا في قائمة الدول المطالَبة بالتعويضات، إلا أن بعض الأوساط الإسرائيلية تلوّح بإمكانية إدراجها مستقبلاً، خاصة مع تسارع المحادثات بشأن التطبيع بين الرياض وتل أبيب.

الذريعة المحتملة؟ ملفات يهود بني قريظة وبني النضير الذين أُخرجوا من المدينة المنورة في القرن السابع.

ورغم أن هذه المطالب تبدو خيالية بمنظور القانون الدولي، إلا أن تجربة سويسرا تؤكد أن التاريخ يمكن أن يُعاد تفسيره متى ما توفّرت اللوبيات المنظمة والضغط السياسي.

 دروس من لاودر: حين يصبح التاريخ أداة تفاوض

رونالد لاودر، الذي قاد تسوية 1998، يعود اليوم ليقود حملة جديدة لإحياء ملف الحسابات البنكية. ووفق “بلومبيرغ”، بدأ لاودر اتصالات مباشرة مع مشرعين أميركيين وأوروبيين للضغط مجددًا على سويسرا.

ويصف المؤرخ الأميركي أفي شلايم هذه التحركات بأنها: “جزء من أجندة أوسع لتوسيع النفوذ اليهودي في عالم مضطرب”.

وبالتالي، إذا دفعت سويسرا المليارات بعد نصف قرن، فما الذي يمنع مطالبات مماثلة في سياق تطبيع سعودي-إسرائيلي؟

 التطبيع قد يتحول إلى فاتورة

في العقل الاستراتيجي الإسرائيلي، التطبيع لا ينتهي عند السفارات والاتفاقات. بل هو بوابة لفرص أوسع:

  • تسويات مالية
  • مطالبات تعويضية
  • ومكاسب رمزية وشرعية

وبينما تستعد السعودية لدخول مرحلة جديدة من العلاقات الإقليمية، يجب أن تعي أن “التاريخ”، كما تثبته سويسرا، ليس ملفًا مغلقًا… بل قد يُفتح فجأة وعلى طاولة التفاوض.

 الخلاصة: التطبيع يبدأ باتفاق.. وينتهي بفاتورة

ما يحدث الآن ليس مجرد ملف أرشيفي عن الحرب العالمية الثانية، بل نموذج يُحتذى به في استخدام “العدالة التاريخية” كورقة ضغط سياسي واقتصادي. وإن لم تُحسن السعودية تقدير كلفة التطبيع من جميع الزوايا، فقد تستفيق غدًا على مطالبات مالية… عن أحداث تعود إلى 1400 عام!

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE