صلاح عكاشة.. طبيب سوداني بين الرحمة والمعاناة ورحيل هز القلوب

في قصة إنسانية مؤثرة، ودّع السودان والعالم العربي الطبيب السوداني صلاح عكاشة، الذي جسّد معنى الرحمة والعطاء في مهنة الطب، وعاش حياته بين “طرفي السماعة” طبيباً ومريضاً حتى رحيله قبل أيام.

بدأت رحلة صلاح عكاشة في مسيرة الطب منذ سنوات شبابه، متنقلاً بين مدن السودان من ملكال إلى رفاعة ومدني، حاملاً رسالته الإنسانية في علاج المرضى وخدمتهم. وفي إحدى المرات، وبعد أن أنهى الكشف الطبي، أمسكت به سيدة مسنة ودعت له قائلة: “يا ولدي إن شاء الله تجاور النبي صلى الله عليه وسلم وتعمل بقربه”.. لتتحقق تلك الدعوة بعد سنوات بانتقاله للعمل طبيباً في المدينة المنورة بجوار المسجد النبوي الشريف.

عُرف الطبيب صلاح عكاشة بين زملائه وطلابه بابتسامته الدائمة وروحه المرحة التي كانت تنتزع الضحكات حتى في أصعب اللحظات، earning him the nickname “فاكهة القروب” في مجموعات الأطباء والأصدقاء. لكنه عاش جانباً آخر مؤلماً من الحياة، حيث عانى ابنه الوحيد من الفشل الكلوي لسنوات حتى وافته المنية شاباً، قبل أن يصاب هو نفسه بخلل في الصمام الأورطي، خاض بسببه رحلة طويلة مع المستشفيات والعلاجات القاسية.

ورغم ظروف الحرب الأخيرة في السودان التي حالت دون توفر الأدوية والفحوصات الطبية اللازمة، واصل صلاح عكاشة خدمة المرضى في بلدته المسيد، متنقلاً بين بيوت كبار السن، حتى اضطر في أيامه الأخيرة لإخفاء سماعته تحت ملابسه خوفاً من ميليشيات الجنجويد.

برحيل الطبيب الإنسان صلاح عكاشة، فقدت مهنة الطب واحداً من أنبل رجالها، تاركاً إرثاً من الأخلاق والرحمة والعطاء الإنساني الذي سيظل خالداً في ذاكرة كل من عرفه أو تلقى العلاج على يديه.

المدينة المنورة – الدكتور هاشم مساوي

زر الذهاب إلى الأعلى