لماذا تفكك ليبيا 3 خلايا داعشية وتكشف تمويلاً دولياً مشبوهًا الآن؟

في خطوة أمنية استراتيجية جديدة، أعلن جهاز المخابرات الليبي يوم الجمعة عن تفكيك ثلاث خلايا إرهابية تابعة لتنظيم “داعش” كانت تنشط في مناطق متفرقة من الجنوب الليبي، وتتمتع بروابط دولية مع شبكات إرهابية في أفريقيا وأوروبا.
الإعلان جاء في ظل تصاعد المخاطر الأمنية والفراغ الحكومي والأمني في ليبيا، ما جعل البلاد مرتعًا خصبًا للتنظيمات المتطرفة التي تستغل الفوضى لصالحها.
يشير مراقبون إلى أن الكشف عن تمويل دولي مشبوه لدعم هذه الخلايا يؤكد أن تنظيم داعش لم يختفِ من ليبيا، بل يعيد تنظيم صفوفه واستراتيجياته، خاصة عبر استخدام أساليب تمويل حديثة مثل العملات الرقمية والشبكات المالية الخفية، مما يشكل تهديدًا إقليميًا وعالميًا.
أسباب الإعلان الآن: تصاعد التهديدات الأمنية والضغط الدولي
تأتي هذه العمليات الأمنية في وقت تشهد فيه ليبيا فراغًا أمنيًا كبيرًا في الجنوب، مع تدفق السلاح وغياب الرقابة الفعالة. ويعتقد المحللون أن الإعلان في هذا التوقيت يهدف إلى تحقيق عدة أهداف:
- إثبات قدرة الدولة الليبية على محاربة الإرهاب رغم التحديات السياسية والاقتصادية.
- الضغط على الدول الداعمة والممولين الأجانب عبر فضح شبكات التمويل الدولية، خاصة في ظل التعاون الدولي المتزايد لمكافحة الإرهاب.
- رفع مستوى الوعي الداخلي والدولي بمخاطر استغلال الفوضى الليبية من قبل التنظيمات المتطرفة.
الدكتور جون ميلر، الباحث في معهد الأمن الدولي في واشنطن، يؤكد أن هذه العمليات تكشف عن قدرة داعش على التكيف والابتكار في استراتيجيات التمويل، وهو ما يتطلب تعاونًا دوليًا موسعًا: “تنظيم داعش يعتمد اليوم على تقنيات متطورة لتحويل الأموال وتمويل عملياته، خصوصًا عبر العملات الرقمية التي يصعب تعقبها، مما يعقد مهمة مكافحة الإرهاب دوليًا.”
طبيعة الخلايا الإرهابية وأدوات عملها
تفكيك الخلايا الثلاثة كشف عن شبكات متخصصة لكل منها دور محدد: الأولى تتولى تجنيد المقاتلين ونقلهم عبر جوازات سفر مزورة إلى مناطق الساحل والصومال، والثانية تدير شبكة غسل أموال تموّل عناصر التنظيم داخليًا، بينما تتولى الثالثة عمليات التحويل الدولي عبر العملات المشفرة والاستثمارات المشبوهة.
هذه التنوعات في طبيعة الخلايا تدل على تطور تنظيم داعش في ليبيا، وتحوله من مجرد تنظيم مسلح إلى شبكة متكاملة تعتمد على التمويل الذكي والتنظيم المالي.
المخزون العسكري وتهديدات الجنوب
يضاف إلى ذلك العثور على مخزون كبير من الأسلحة والمتفجرات في مدينة سبها جنوب ليبيا، مما يعكس القدرة القتالية المتجددة للخلايا المتطرفة ويزيد من المخاوف الأمنية في المنطقة.
المراقبون يحذرون من أن استمرار الفراغ الأمني وتدفق السلاح قد يؤدي إلى استغلال التنظيمات المتطرفة للوضع لزيادة نشاطها عبر الحدود، ما يهدد الأمن الإقليمي ويعقد جهود الاستقرار.
ليون هاريسون، محلل الأمن بمنظمة مكافحة الإرهاب الأوروبية، يشدد على خطورة الوضع: “وجود خلايا داعش في الجنوب الليبي يشكل تهديدًا واضحًا لاستقرار المنطقة، ويؤثر سلبًا على مسارات التهريب وأمن أوروبا وأفريقيا.”
تداعيات وأفق المستقبل
الرسالة الأساسية للإعلان الليبي واضحة: ليبيا ما زالت في مرمى تهديدات إرهابية متجددة، والتحديات الأمنية تحتاج إلى دعم وتعاون إقليمي ودولي قوي، خاصة في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة في شمال أفريقيا.
التصدي لهذه الخلايا يحتاج إلى استراتيجية شاملة تشمل مكافحة التمويل، وتعزيز الرقابة على الحدود، وإصلاح المؤسسات الأمنية، مع التأكيد على دور المجتمع الدولي في دعم ليبيا للحد من انتشار الإرهاب.
لندن – اليوم ميديا