انفجار مالي في اليمن: صعود صاروخي للريال يربك السوق ويصدم التجار!

شهدت الأسواق اليمنية تقلبات عنيفة في سعر صرف العملة الوطنية خلال الأيام الماضية، إلا أن المفاجأة الكبرى كانت في الانتعاش السريع للريال اليمني بعد فترة انهيار كادت توصله إلى أدنى مستوياته التاريخية.
فقد تراجع سعر صرف الريال السعودي إلى ما دون 600 ريال يمني، وانخفض الدولار الأمريكي إلى حدود 2000 ريال، مما أحدث صدمة إيجابية في السوق، خصوصًا بعد تدخلات حكومية وصفت بأنها “سريعة وحاسمة”.
هذا التحسن المفاجئ أثار تساؤلات حول مدى استمراريته، وهل يستند إلى إصلاحات حقيقية أم أنه مجرد انتعاش مؤقت بفعل تدخلات طارئة؟
تعافٍ بنسبة 30% خلال أيام فقط
استعادت العملة اليمنية نحو 30% من قيمتها مقابل الدولار خلال 72 ساعة، وهو تحوّل غير مسبوق، أجبر الكثير من المحللين على مراجعة قراءاتهم السابقة لتوجهات السوق.
وبحسب مصادر مصرفية لـ”اليوم ميديا”، فقد كسب الريال اليمني حوالي 800 ريال أمام الدولار خلال أيام، ليسجل الريال السعودي 540 ريالًا للشراء و585 للبيع، مع تباينات طفيفة بين المحافظات.
أما الدولار، فقد تراجع إلى 2050 ريالًا في بعض المناطق، بعد أن تجاوز 2838 ريالًا الأسبوع الماضي، في تراجع هو الأكبر منذ سنوات.
رأي الخبراء: هل الأزمة النقدية انتهت حقًا؟
يرى المحلل الاقتصادي اليمني بديع القدسي أن هذا التحسن لا يعني بالضرورة انتهاء الأزمة النقدية في البلاد، موضحًا أن ما يحدث هو “استجابة سريعة لإجراءات ظرفية”، لم تُعالج بعد الأسباب البنيوية للانهيار.
وأضاف أن “السوق لا يزال هشًا للغاية، ويُحتمل أن يشهد ارتدادًا حادًا في حال لم تُتبع هذه الإجراءات بخطط إصلاح مؤسسي وهيكلي طويل الأجل”، مشيرًا إلى أن استمرار الانقسام المؤسسي وازدواجية السلطات يضعف فرص الاستقرار الاقتصادي الحقيقي.
إجراءات البنك المركزي تضع حدًا لفوضى الصرافة
جاءت هذه الطفرة المفاجئة بعد تحركات مكثفة للبنك المركزي اليمني في عدن، شملت سحب تراخيص عدد من شركات الصرافة المتورطة في المضاربات غير المشروعة.
وتُعد هذه الخطوة إشارة قوية على عزم البنك المركزي إعادة ضبط السوق بعد سنوات من الانفلات المصرفي وغياب الرقابة.
وفي تطور مواكب، تم الإعلان عن تشكيل لجنة عليا لإعداد الموازنة العامة لعام 2026، ما ساعد على تعزيز الثقة لدى الأسواق بأن الحكومة تتجه لضبط المالية العامة والإنفاق.
ووفقًا للقدسي، فإن “هذه الإجراءات تبعث برسائل إيجابية، لكنها تبقى غير كافية ما لم تُتوج بإصلاحات حقيقية في قطاع السياسة النقدية، والسيطرة الكاملة على عمليات تحويل الأموال ومراقبة المضاربات”.
وزارة الصناعة والتجارة: تحذيرات للمخالفين وتشديد الرقابة
في إطار التحركات الحكومية، أصدرت وزارة الصناعة والتجارة تعميمًا عاجلًا لمكاتبها في جميع المحافظات، دعت فيه إلى تكثيف الرقابة على الأسواق، وإلزام التجار بتخفيض الأسعار بما يتوافق مع أسعار صرف العملات الأجنبية الجديدة.
وشدد التعميم، الذي اطلع عليه “اليوم ميديا”، على ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق المخالفين، بما يشمل إغلاق المحال التجارية التي تُبقي الأسعار مرتفعة دون مبرر.
وأكدت الوزارة أنها ستراقب بدقة مدى التزام التجار، مطالبة برفع تقارير مفصّلة عن عدد الزيارات الميدانية والمخالفات المكتشفة.
وأشار القدسي إلى أن “انعكاس التحسن في سعر الصرف على حياة المواطنين مرهون بمدى تطبيق هذه الرقابة، فبدون إجبار الشركات على خفض الأسعار لن يشعر المواطن بأي تحسّن فعلي”.
لجنة المدفوعات: أداة استراتيجية لضبط السوق والنقد
قبل أيام من موجة التعافي، عقدت الحكومة اليمنية أول اجتماع للجنة المدفوعات، التي شُكلت مؤخرًا لتنظيم عمليات الاستيراد ومراقبة تدفقات النقد الأجنبي، وهي خطوة وصفت بأنها “استراتيجية” لاستعادة التوازن النقدي.
وتشير التقارير إلى أن تشكيل اللجنة كان نقطة تحوّل مفصلية؛ إذ ساهمت بشكل مباشر في خفض سعر صرف الدولار من 2838 إلى 2090 ريالًا، والريال السعودي من 755 إلى 540 ريالًا.
ورغم الفوارق الجغرافية بين المحافظات، فإن الأسواق أبدت تفاعلًا إيجابيًا وسريعًا مع هذه القرارات، ما يعزز التفاؤل باستمرار التحسن في حال استمرت الخطوات الإصلاحية على هذا المنوال.
عدن – تقرير خاص لـToday Media – نادر الشرفي