خائن أم خصم سياسي؟ لماذا أصدر الحوثيون حكم إعدام نجل صالح الآن؟

أصدرت محكمة عسكرية خاضعة لجماعة الحوثي في العاصمة صنعاء حكمًا غيابيًا يقضي بإعدام أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني الراحل، ومصادرة كافة ممتلكاته. القرار يُعد تصعيدًا سياسيًا خطيرًا يهدد ما تبقى من شراكة الحوثيين مع حزب المؤتمر الشعبي العام.
ويفتح الحكم الصادر مساء الخميس الباب أمام توترات جديدة داخل المشهد السياسي اليمني، خصوصًا في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يُتوقّع أن تواجه قيادات المؤتمر ضغوطًا متزايدة للتنصل من نجل مؤسس الحزب، أو إعلان مواقف حاسمة بشأن استمرارية التحالف.
تفاصيل الحكم والتهم الموجهة
قضت المحكمة الحوثية بإدانة أحمد علي بتهم “الخيانة والعمالة والتخابر مع العدو”، إضافة إلى الفساد، مع إصدار حكم غيابي بالإعدام، ومصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة، وحرمانه من تولي أي منصب عام مستقبلًا.
وبحسب بيان رسمي نشرته وكالة “سبأ” التابعة للجماعة، فإن الحكم جاء ضمن قضية تحمل الرقم 27 لسنة 2023، وتضمن أحكامًا تكميلية باسترداد الأموال التي وصفتها بـ”المختلسة”. ولم يصدر حتى الآن أي تعليق رسمي من مكتب أحمد علي.
الحكم يُضاف إلى سلسلة من الإجراءات القضائية التي استهدفت رموز النظام السابق، في وقت تشير فيه تقارير سياسية إلى توجه ممنهج لإقصاء شركاء الأمس داخل “حكومة الإنقاذ”.
أحمد علي بين الظل والطموح السياسي
يقيم أحمد علي، البالغ من العمر 53 عامًا، في أبوظبي حاليًا دون منصب رسمي، ويشغل موقع نائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الجناح الذي يشارك الحوثيين في حكومة صنعاء.
وكان أحمد علي قد شغل منصب قائد الحرس الجمهوري خلال احتجاجات 2011، ثم عُيّن سفيرًا في الإمارات عام 2013 قبل إقالته إثر سيطرة الحوثيين على صنعاء. بعد مقتل والده على يد الجماعة في ديسمبر 2017، اختفى عن المشهد السياسي، ليعود بقوة في منتصف 2024 بعد رفع العقوبات الدولية عنه.
ويُنظر إليه كشخصية محورية محتملة في أي تسوية سياسية قادمة، سواء من بوابة المؤتمر، أو بدعم من أطراف إقليمية ودولية ترى فيه بديلًا مقبولًا للمرحلة الانتقالية.
المؤتمر الشعبي العام بين التشظي والإقصاء
أثار الحكم موجة قلق داخل حزب المؤتمر، حيث عبّر كثير من أعضائه عن خشيتهم من أن يكون أحمد علي بداية لقائمة تصفيات ستطال شخصيات بارزة، خاصة من لا يزالون يدينون بالولاء لرمزية عائلة صالح.
الحزب، الذي سيطر على الحياة السياسية اليمنية لعقود منذ تأسيسه عام 1982، يعيش حالة انقسام حاد منذ 2011، بين أجنحة في صنعاء وعدن والقاهرة وأبوظبي، وهو اليوم في مواجهة خطر التفكك الكامل.
ويرى مراقبون أن الجماعة الحوثية تسعى من خلال هذا الحكم إلى تحجيم دور المؤتمر نهائيًا، بعد أن فرّغته من محتواه السياسي، واستخدمت بعض قياداته كواجهة شكلية في حكومة صنعاء دون سلطات فعلية.
ردود فعل متباينة وجدال داخلي وخارجي
لاقى الحكم ردود فعل واسعة، داخليًا وخارجيًا، تراوحت بين التنديد الحقوقي والجدل السياسي. الناشطة اليمنية توكل كرمان، رغم وصفها أحمد علي ووالده بالخونة، رفضت الحكم واعتبرته صادرًا عن “جهة غير شرعية”، ما أثار نقاشًا واسعًا على منصات التواصل.
من جانبه، وصف الكاتب المصري مصطفى بكري الحكم بـ”المهزلة”، متهمًا الحوثيين بسرقة الدولة وقتل صالح، وتساءل “من هو الخائن الحقيقي؟”، في إشارة إلى جماعة الحوثي.
عدن – نادر الشرفي