شارما.. سيد الأعلام الكاذبة وأسطول الظل العالمي!

شعرت ماكيريتا أتونيو، مسؤولة النقل في جزيرة ساموا، بالقلق عندما اكتشفت أن أكثر من 12 سفينة شحن تبحر حول العالم تحت علم بلادها، رغم أن ساموا لا تملك سجل شحن مفتوحاً. اكتشاف مذهل قاد إلى ما اعتبرته السلطات “عملية احتيال” دولية.

أعلام مزورة… وناقلات محظورة

وفق تقرير استقصائي لـ”فاينانشيال تايمز” بالتعاون مع مركز الدراسات الدفاعية المتقدمة (C4ADS)، فإن السفن التي تبحر تحت هذه الأعلام المزورة كانت تنقل شحنات غير مشروعة – من النفط الخاضع للعقوبات إلى الأسلحة، دون أن تتحمل أي دولة مسؤولية قانونية.

في قلب هذا الاحتيال البحري، يقف رجل واحد: سونيل كومار شارما، شخصية غامضة من شانديغار في الهند، ظهر اسمه في ستة بلدان على الأقل، كان يُنشئ فيها سجلات شحن باسم حكوماتها، ثم يختفي بعد أن تنكشف الفضيحة.

كيف تعمل شبكة الأعلام الكاذبة؟

وفق التحقيق، أنشأ شارما شركات تزعم تمثيل السجلات البحرية في دول صغيرة وضعيفة الرقابة، مثل ميكرونيزيا، ساموا، إيسواتيني، دومينيكا، غيانا، ولاوس. في بعض الحالات، حصل على موافقات أولية، ثم واصل عمله حتى بعد سحبها. بعض هذه السجلات سُجّلت على أنها احتيالية من قِبل المنظمة البحرية الدولية (IMO).

تستخدم السفن هذه الأعلام لتجنب العقوبات الدولية، وتوفير غطاء قانوني يتيح لها الإبحار دون رقابة فعلية، خاصة في ظل تصاعد القيود على إيران وروسيا.

من دومينيكا إلى ميكرونيزيا: الاحتيال يتكرر

في عام 2014، ظهر اسم شارما في قضية أعلام وهمية بدومينيكا. لاحقًا، أعلنت الدولة رسميًا أنه لا يمثّل سجلها البحري، ووصفت شهاداته بأنها “مزورة وغير صالحة”.

ثم تكرر السيناريو في ميكرونيزيا، حيث اتُّهم بجمع أكثر من 627 ألف دولار من رسوم تسجيل سفن أجنبية عبر شركة وهمية. ورغم صدور اتهامات ضده، تفادى المحاكمة بسبب فراره من البلاد، وفق بيان سفارة ميكرونيزيا في واشنطن.

شبكة مظلمة تتخفّى خلف أعلام

تقرير “C4ADS” رصد ستة سجلات أخرى مشبوهة مرتبطة بأنشطة شارما عبر عناوين IP ونطاقات إلكترونية. ورغم نفيه، فإن النمط يتكرر: دخول بلد صغير، الحصول على اتفاق رسمي، ثم إنشاء سجل وهمي يجمع الأموال، ويمنح شرعية لسفن خارجة عن القانون.

الغموض لا يزال يلف نشاط شارما، خاصة مع غياب أي أدلة على ضلوعه المباشر في تهريب أسلحة أو بضائع محظورة، لكن دوره كمنسّق لأكبر شبكة أعلام مزيفة بات مؤكدًا.

مخاطر قانونية وأمنية

تسمح هذه الأعلام الكاذبة بظهور “أسطول ظل” لا يخضع لأي قانون، ما يهدد أمن الملاحة العالمية، ويُضعف قدرة الدول على إنفاذ العقوبات.

في ظل تزايد العقوبات العالمية، خاصة على روسيا وإيران، تبدو شبكات مثل شبكة شارما بمثابة ثغرات قانونية خطيرة، تعيد رسم خريطة تهريب الطاقة والسلاح حول العالم.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى